الوسيلة الأولى: التربية الأسرية:
إن أولى وسائل السباق إلى العقول بالحق أو بالباطل هي الأسرة: الأبوان والأقارب الذين يحيطون بالأطفال ويتربى هؤلاء الأطفال في وسطهم، من إخوة لهم كبار، أو أعمام أو عمات، أو أخوال أو خالات، أو أجداد أو جدات ...
وإن الأم لهي المفتاح الأول لهذا السباق، إذ هي التي تلازم الطفل في جميع أطوار حياته، منذ خروجه من رحمها صارخا، إلى أن يبلغ رشده متواضعا أو متكبرا شامخا. تلازمه ليلا ونهارا، صحيحا ذا فرح أو سقيما ذا ترح، ضاحكا ساعيا، أو مقعدا باكيا.
يفتح عينيه على حركاتها وسكناتها، وهي هادئة وقورة، أو طائشة مسعورة، ويصغي بأذنيه لصوتها، ناطقة بالقول النافع، أو صارخة بالسب اللاذع.
وطفلها يراقبها -كما يراقب غيرها- منذ الصغر، خازنا في جعبته كل ما تأتي وتذر، ينبت لحمه من حليب ذرعها، وتنبت أخلاقه من حميد أو ذميم خلقها.
فإن تحلت بالصدق نشأ صريحا صادقا، وإن أكثرت من الكذب، أصبح كاذبا منافقا.