ويشمل ذلك جميع المواد والمفردات المطلوب دراستها، بحيث يكون الدارس على وعي وخبرة بما يتعلق بالعلم الذي يدرسه في واقع الحياة، مع المقارنة والموازنة والترجيح بالحجة والبرهان، ولا تكون دراسته دراسة نظرية تلقينية تقليدية جامدة، تجعله إذا خالط الناس واصطدم بما عندهم من أفكار ونظريات ومبادئ كأنه بدوي دعي لحضور مؤتمر تتصارع فيه نظريات الفلاسفة والسياسيين والاقتصاديين، مع أن بعض تلك النظريات تتعلق بتخصصه.
وسأضرب بعض الأمثلة لتوضيح هذا المعنى:
المثال الأول: وجد في هذا العصر إلحادٌ مادي قوي ينكر وجود الخالق -فضلا عن استحقاقه العبادة واتباع رسله وتحكيم شرعه- قامت على أساس هذا الإلحاد دول ووضعت له فلسفات ومناهج تعليم وإعلام، واتخذت لنشره والدعوة إليه وسائل تبدأ بالإعلام وتنتهي بالسلاح، وخدعت به عقول واستجابت له حكومات.
والجديد في هذا الإلحاد هو انتشاره وقيام دول على أساسه، وقد كان في الأزمان الماضية مغمورا لا يوجد إلا لدى أفراد أو جماعات قليلة لا وزن لها بين الناس.
وكان إقرار الأمم بالخالق دليلَ الرسل على قومهم المقرين به بأن الخالق الذي أقرت به تلك الأمم هو وحده الإله المعبود الذي يستحق العبادة.