نام کتاب : العبادات في الإسلام وأثرها في تضامن المسلمين نویسنده : علي عبد اللطيف منصور جلد : 1 صفحه : 132
إن الفضائل النفسية، والفوائد الاجتماعية التي يثمرها الصوم أجل من أن تحصى، وإذا كان الصوم يثمر التقوى، وعفة النفس واستقامة الجوارح ويقظة الضمير، ورحمة القلب، وخشية الرب، فإن هذه الفضائل، تنعكس على المجتمع كله، وتنشر بركتها عليه.
والتقوى التي جعلها الله غاية للصيام، والجُنَّة التي وصف بها النبي صلى الله عليه وسلم الصوم يمكن أن يندرج تحتها كل ما أدركنا، وما لم ندرِك من حكم الصيام، فليس للتقوى حد تنتهي عنده، أو غاية تنتهي إليها، وكذلك الجُنّة، قد تكون من التقصير والمخالفات، وقد يرقى بها صاحبها، فتكون من الشبهات، وقد يزداد رقيا فتصبح جُنَّة من الغفلات والخطرات.
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:
"لما كان صلاح القلب واستقامته، على طريق سيره إلى الله تعالى متوقفا على جمعيته على الله، ولم شعثه بإقباله بالكلية على الله فإن شعث القلب لا يلمه إلا الإقبال على الله تعالى وكان فضول الطعام والشراب، وفضول مخالفة الأنام وفضول الكلام، وفضول المنام مما يزيده شعثا ويشتته في كل واد يقطعه عن سيره إلى الله تعالى، أو يضعفه أو يعرقله، اقتضت رحمة العزيز العليم بعباده أن شرع لهم من الصوم، ما يذهب فضول الطعام والشراب ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة له عن سيره إلى الله تعالى، وشرعه بقدر المصلحة بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه، ولا يقطعه عن مصالحه العاجلة والآجلة"[1].
إن المجتمع الذي يستقيم على شريعة الصوم، يكون مجتمعا قويا في عقيدته، قويا في استجابته لأمر ربه، قويا بتماسكه وتضامنه، وتراحمه، قويا بأخلاقه الكريمة، وشمائله النبيلة.
وقد اختار الله سبحانه بحكمته البالغة، شهر رمضان المبارك ليكون موسم الصيام، المفروض على المسلمين من كل عام، وقد أشار القرآن الكريم إلى السر في اختيار هذا الشهر لهذه الفريضة المباركة ذلك أنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس، وبينات من الهدى والفرقان.
وبين الصوم والقرآن صلة متينة عميقة، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه جبريل في كل ليلة من [1] زاد المعاد لابن القيم: 1/168.
نام کتاب : العبادات في الإسلام وأثرها في تضامن المسلمين نویسنده : علي عبد اللطيف منصور جلد : 1 صفحه : 132