responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي نویسنده : البهي، محمد    جلد : 1  صفحه : 106
تاما: فإن البلاد تختلف باختلاف المواقع، وتباين أحوال التجارة والزراعة، وكذلك سكانها يختلفون: في العوائد، والأخلاق، والمعتقدات إلى غير ذلك: فرب قانون يلائم مصالح قوم لا يلائم مصالح آخرين، فينفع أولئك ويضر بهؤلاء! إذ على مؤسس القوانين أن يراعي اختلاف الناس على اختلاف طبقاتهم وأحوالهم، وطبيعة أراضيهم، ومعتقداتهم، وكافة عوائدهم، ليتسنى له أن يحدد مصالحهم ويربط أعمالهم بحدود تجر إليهم جلائل الفوائد، وتسد عليهم أبواب المفاسد. وحينئذ لا يسوغ لأرباب الشورى أن يجاروا غير بلادهم في سن القوانين"[1].
ثم يضيف قائلا:
"وقد جرت عادة المشرعين في كل زمان أن يراعوا في وضع القوانين درجة عقول الذين يراد وضعها لهم، حتى لا تكون مبهمة عليهم، فلا يتيسر لهم فهمها ولا معرفة الغرض منها، وأن يلاحظوا العوائد والأخلاق ملاحظة تامة، فلا يخرجوا في تأسيس القوانين عما تقتضيه من الشدة والتخفيف، فرب طائفة من الناس ينفع فيهم الزجر الخفيف، ويردعهم الوعد بالجزاء الهين، إذا كانت طباعهم سهلة الانقياد ... ورب أمة فطرت أفرادها على الغلظة، ومجافاة الرقة، وكانت بواطنهم منطوية على الخسة والسفالة، ونفوسهم بعيدة عن خصال الشرف، فهؤلاء لا يردعهم عن غيهم إلا القوانين الصارمة، المؤسسة على الجزاءات الشديدة"[2].
وبالجملة فليست هيئة النظام المدني لأمة من الناس سوى صورة لمادة الملكات التي اكتسبها أفرادها من مألوفاتها وعوائدها التي نشأت عليها، سواء أكانت ممدوحة أو مذمومة، وإن اختلاف قوانينها في معارج صعودها، ومدارك هبوطها، لا ينفك عن هذه الملكات، مهما تغيرت أصنافها، وتبدلت شئونها، وهذا ما جعل عقلاء الناس يجتهدون أولا في تغيير الملكات، وتبديل الأخلاق عندما يريدون أن يضعوا للهيئة الاجتماعية نظاما محكما, فيقدمون التربية الحقيقية على ما سواها ليتسنى لهم أن يحصلوا على هذه الغاية، بل يجعلون في نفس القوانين النظامية فصولا وأبوابا لضبط الأخلاق، وحفظ

[1] تاريخ الإمام: ج2 ص203, 204.
[2] تاريخ الإمام: ج2 ص159.
نام کتاب : الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي نویسنده : البهي، محمد    جلد : 1  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست