نام کتاب : الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي نویسنده : البهي، محمد جلد : 1 صفحه : 187
وإذن فالقرآن -بعبارة آخرى- دين محلي، لا إنساني عالمي، قيمته وخطره في هذه المحلية وحدها! قال به صاحبه متأثرا بحياته التي عاشها وعاش فيها، ولذلك يعبر تعبيرا صادقا عن هذه الحياة! أما أنه يمثل غير الحياة العربية أو يرسم هدفا عاما للإنسانية في ذاتها، فيس ذلك بحق!
إنه دين بشري"، وليس وحيا إلهيا.. قاله صاحبه لقوم معينين، ولذلك تجاوبوا معه، أو قاموا ضده! ولو أن صاحبه قاله في جماعة أخرى "لما حفل به أحد" لأن ما يقوله فيه لا يتصل عندئذ بحياة الجماعة الأخرى في قليل أو كثير!
فالقرآن مؤلف، ومؤلفه "نبيه" محمد! ويمتاز تأليفه بأنه يمثل حياة العرب المحدودة في شبه جزيرة العرب، في اتجاهات حياتها المختلفة: السياسة، والاقتصادية، والدينية!.
ومنهج دراسة الحياة الجاهلية للعرب قبل الإسلام دراسة علمية، كان يدور عند صاحب كتاب "الشعر الجاهلي" بين أمرين لا ثالث لهما: بين ما يسمى بالشعر الجاهلي، وبين القرآن.. كلاهما للإنسان، وكلاهما يتحدث عن الحياة العربية الجاهلية، ولكنه استبعد الشعر الجاهلي واختار القرآن لهذه الدراسة؛ لأنه صادق في كونه "انطباعا" دقيقا لهذه الحياة!.
القرآن إذن مصنوع ومؤلف:
وهو مرآة لأفق خاص من الحياة، هو أفق الحياة في شبه الجزيرة العربية، وفي مكة بوجه خاص.
وما في القرآن من عقائد لا يمثل إلا عقائد تلك البيئة ... فحديثه عن النصرانية هو: حديث عن نصرانية العرب، دون نصرانية السريان، فضلا عن نصرانية القسطنطينية ونصرانية مصر، أو نصرانية روما! وحديثه عن مودة النصارى- في مقابل موقف اليهود من المسلمين- في قوله: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [1] حديث يرجع إلى أن احتكاك المسلمين بالنصارى كان [1] المائدة: 82.
نام کتاب : الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي نویسنده : البهي، محمد جلد : 1 صفحه : 187