نام کتاب : الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي نویسنده : البهي، محمد جلد : 1 صفحه : 86
حال الضعف التي وصفها جمال الدين للمسلمين في وقته، هي حال الضعف التي كان عليها المسلمون في وقت "ابن تيمية".
ووسيلة القوة والتكتل التي حددها ابن تيمية من قبل، هي الوسيلة التي تمسك بها جمال الدين، وأصر على سلوكها.
وليس هناك اختلاف بين الاثنين، سوى أن: ابن تيمية برهن كعالم إسلامي مطلع، واستخدم الدليل الديني والمنطقي في تدعيم رأيه، وكتب وراسل وألف. أما جمال الدين فاتخذ أسلوب "الإثارة" وإيقاظ الوعي، فتحدث وخبط، واتصل بزعماء المسلمين وقادتهم اتصالا شخصيا مباشرًا، مستحثا هممهم، ودافعا إياهم إلى مقاومة الاعتداء الغربي، في أية صورة من صور المقاومة؛ لأنه اعتداء مذل مخرب.
- ابن تيمية: كان مضطرا أن يؤلف، وأن يحاج بالدليل النظري والمنطقي أو النقلي؛ لأن خصومه في داخل الجماعة الإسلامية دفعوه إلى الحجاج والنزاع العلمي، وهؤلاء الخصوم هم أرباب الفرق الإسلامية المختلفة.
أما جمال الدين: فقد حدد له خصومة -وهم المستعمرون- نوع الوسيلة التي يقاوم بها، وهي وسيلة الإثارة، والتكتيل الشعبي، عن طريق إلهاب العواطف واستفزاز الهمم الإنسانية والحماس الديني. إذ المستعمر كان حاكما للشعوب الإسلامية، ومقاومته يجب أن تكون -في الصف الأول- من الشعوب ذاتها، وتكتيل الشعوب، وتجميع القوى المنثورة فيها، يتبع إثارة العواطف قبل أن يتبع الإقناع بالحجة.
ومع ذلك فقد خلق جمال الدين جيلا من القادة، خلفه بعد وفاته، على أساس من المعرفة والتبصير الهادئ الرزين، وعلى أساس من فهم صحيح للإسلام وتعاليمه، وفي توجيه العالم المجرب، فلم يكن جمال الدين قائد شعب أو شعوب ضد اعتداء أجنبي قوي منظم فحسب، بل كان مع ذلك رائد فكرة، ورائد فهم سليم للإسلام، ولولا دفع جمال الدين الأفغاني وتبصيره العلمي الإسلامي، لما رأينا من بعد شخصية كشخصية الشيخ محمد عبده، تتميز كل التميز عن أقرانها يومئذ في فهم الإسلام وفي تقدير قيمه، وفي فهم الحياة وظروفها، ولما وجد هذا النظام الإسلامي الشامل للحياة الإسلامية في ظل الإسلام وتعاليمه، الذي وضعه تلميذه المخلص محمد عبده.
نام کتاب : الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي نویسنده : البهي، محمد جلد : 1 صفحه : 86