- وقد تكون هناك فئة من المنصرين بدأت خطوات في طريق التنصير، ورحلت إلى حيث تقوم بمهمتها التنصيرية الصريحة الواضحة الخالصة دون اهتمام مباشر بالمعلومة أو الدراسة، سوى ما هو مطلوب من المنصر معرفته عن البيئة التي يزمع العمل بها قبل الشروع في العمل بها، ولكنها، بعد ذلك، انخرطت في التعرف على هذه المجتمعات التي تسعى إلى تنصيرها، فانصرفت إلى دراسة مقومات هذا المجتمع أو ذاك دراسة علمية تعتمد على المصادر العلمية التي كتبت عن هذه المجتمعات أو تلك، وتوسعت في ذلك حتى نسيت مهمتها الرئيسة.
ومع هذا بقيت متعاطفة مع التنصير بصور شتى من صور التعاطف، فهؤلاء على عكس أولئك أضحوا مستشرقين منصرين، أي أن توجههم للاستشراق قد غلب على توجههم للتنصير، فعرفوا مستشرقين أكثر من معرفتهم منصرين.
- وهناك فئة من المستشرقين كان الدافع لاشتغالها بالاستشراق دينيا تنصيريا، ثم تبين لها عدم جدوى هذا المنحى، وعدم سلامة الأهداف والغايات، فانسلت من هذا الدافع، وانصرفت إلى الدراسات الاستشراقية العلمية البعيدة عن هذه الغايات، وآلت على نفسها الابتعاد عن هذا المنحى، دون أن تثير أي انتباه علني، وإن تحدثت عنه أحاديث خاصة مع الموثوق من الأقران، في مجالس خاصة وفي مناسبات خاصة.