في " نسيان الماضي "، والتعامل مع الاستشراق من منطلقات علمية موضوعية معاصرة لا تربط بين ماضي الاستشراق وحاضره، ولكن هذه المقالة قد أكدت من جديد أنه يتعذر انفكاك حاضر الاستشراق عن ماضيه، على الرغم من محاولات التخفيف من الارتباطات التي كانت بينة من قبل، بحجة أن الحاضر الاستشراقي ليس بالضرورة امتدادا للماضي، بل إنه لا يأخذ من الماضي إلا الاسم، والاسم الآن في طور التغيير عندما يلجأ بعض المستشرقين المعاصرين إلى البراءة من المصطلح " الاستشراق " إلى " الاستعراب " أو " الشرق - أوسطية " أو " علم الإسلاميات "، فيكون المشتغل بالاستشراق، كما خبرناه سلفا، ليس مستشرقا، وإنما هو إما مستعرب، أو شرق - أوسطي، أو عالم من علماء الإسلاميات، أي العلوم الإسلامية.
وعلى أي حال فإن الارتباط الثقافي بين الاستشراق والتنصير لا يزال قائما، وسيظل كذلك، مهما جرت المحاولات لفك هذا الارتباط، إذ لا يزال هناك مستشرقون منصرون، وسيظل هناك منصرون مستشرقون. بل إني أرى أنه ما دام هناك تنصير فهناك استشراق، ذلك أني أرى أن المنصر، لاسيما في البلاد الإسلامية، مضطر إلى دراسة المجتمع المستهدف للتنصير، وبالتالي فإنه مضطر إلى الرجوع إلى النتاج الاستشراقي في الدراسة والتعرف على هذه المجتمعات، ويتبع هذا إمكانية كتابته هو عن هذا المجتمع أو ذاك من وجهة نظره وانطباعاته، إما على شكل تقارير ترفع للمعنيين بالتنصير، أو على شكل مقالات في الدوريات التنصيرية، أو على