وفرض كفاية وهو العلم الذي لا يطلب من جميع أفراد المسلمين بل يجب أن يكون فيهم من يعلمه فإذا وجد العدد الكافي الذي علم هذا العلم سقط عن باقيهم كالقضاء والإفتاء ونحوهما.
- النوع الثاني من العلوم:
-العلوم الكونية، كالصناعة والزراعة والتجارة والطب والكيمياء والفيزياء وغيرها من المهن المختلفة التي تعتبر ضرورية أو محتاجاً إليها وهذه العلوم فرض كفاية يجب أن يوجد من أفراد المسلمين من يجيدها ليتمكنوا من الاستغناء بهم عن أعدائهم وليعدوا للعدو العدة المأمور بها كما قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} لأن الحاجة إلى العدو تفتح عليهم أبواباً من الضرر لا تحصى من إفساد عقيدتهم وأخلاقهم وجعلهم أذلاء للأعداء لا يقدرون على تصريف شئونهم الدينية والدنيوية كما هو واقع المسلمين في هذا الزمان، وهذا ما حرص عليه أهل الغرب - أي أن يبقى المسلمين محتاجين إلى علوم الغرب وصناعاتهم، ولذلك أغرقونا بصناعاتهم لا سيما الكمالية منها حتى لا نفكر في اشتغالنا بالصناعة فيكون ذلك هدماً لحضارتهم إذ أن المسلمين يملكون ركيزة الحضارة الحقة وهي الدين الذي لم يبق دين حق سواه، فإذا اجتمع الحديد والكتاب حق على الكفر الذل والدمار وفات عليهم أن يسودوا العالم وإن يستغلوا ثرواته.
ولنستمع في هذا المعنى إلى ما قاله أحد الساسة الفرنسيين في منتصف هذا القرن:" إن العالم الإسلامي يقعد اليوم فوق ثروة خيالية من الذهب الأسود والمواد الأولية الضرورية للصناعة الحديثة ولكنه في حاجة إلى الاستقلال في استغلال هذه الإمكانيات الضخمة الكامنة في بطون سهوله وجباله وصحاريه، إنه - يعني العالم الإسلامي- في عين التاريخ عملاق مقيد لم يكتشف نفسه بعد اكتشافاً تاماً فهو حائر قلق كاره لماضيه في عصر الانحطاط راغب رغبة يخالطها شيء من الكسل أو بعبارة أخرى من الفوضى في مستقبل أحسن وحرية أوفر.
فلنعط هذا العالم ما يشاء ولنقو في نفسه عدم الرغبة في الإنتاج الصناعي والفني، فإذا عجزنا عن تحقيق هذه الخلطة وتحرر العملاق من قيود جهله وعقدة الشعور