نام کتاب : تأملات نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 112
البيرو، بينما معاصره الذي يعيش في الاراضي التي تكون اليوم الولايات المتحدة، كان على غاية من الأنحطاط الاجتماعي في درجة البداية.
وبهذه الملاحظات المكانية والزمانية، ندرك الآن بوضوح أكثر أن الفرد مقيد مقدما وإلى حد كبير بالظروف التاريخية والجغرافية، التي تفرض شروط حياته قبل أن تشرطها مواهبه الشخصية، وأن حظه مرتبط مقدما بالقانون العام الذي يسيطر على حياة كل فرد ينتسب إلى (الوحدة) التاريخية التي ينتسب إليها هو، وذلك مهما كانت معادلته الشخصية، وهذا يعني خاصة أن الإنسان الإفريقي الآسيوي، يعاني اليوم مهما كانت مواهبه الشخصية، العوامل السلبية كلها التي يفرضها على كيانه انتسابه إلى خطه الجغرافي، إلى وحدة تاريخية معينة، إلى قارة محددة بظروف اجتماعية متشابهة، تسيطر على حياة الإنسان من طنجة إلى جاكرتا، وتكون بالتالي الصورة السلبية للتضامن الإفريقي الآسيوي، لأنها تضع على كاهل الإنسان الذي يولد على هذا المحور، جميع أعباء الحرمان التي تنزل عليه المحن وتحرمه من النعم، ولكنها تكون في الوقت ذاته وعيه الجماعي، أي العلأمة الأولى على كيان موحد في بعض الحدود، التي عبر عنها بشيء من الوضوح مؤتمر باندونج ومؤتمر القاهرة.
كما ندرك أيضاً- من خلال مشاهدات زائر السماء- أن هذه الحتمية التاريخية الجغرافية، تتغير تبعاً للزمن في مكان واحد، وتبعاً لمكان في زمن واحد.
وبالتالي فإن هذه المشاهدات كشفت لنا بعض الحقائق العأمة التي يجب الوقوف عند مضمونها القانوني، في نطاق القوانين والسنن التي يسير بمقتضاها التاريخ العام، كي ندرك بوضوح أكثر معناها بالنسبة إلى التضامن الأفريقي الآسيوي، وخاصة بالنسبة إلى الأسباب التي بعثته وإلى الغايات التي تحدد مصيره في التاريخ.
إن رحلة الزائر الأولى كشفت لنا عن وحدتين متقابلتين من واشنطن إلى
نام کتاب : تأملات نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 112