نام کتاب : تدريب الدعاة على الأساليب البيانية نویسنده : عبد الرب نواب الدين جلد : 1 صفحه : 362
والخطباء يتلاعبون بعواطف الناس بالتأثير الذي تحدثه الخطابة القوية البليغة حتى إن منهم من يقلب الحقائق بالمغالطة وقوة الجدل فيُري الناس الباطل حقا، والخطأ صواباً، لذا ترى الدهماء كيف يُسيّرهم الخطباء البلغاء فيسيرون وفق إراداتهم، وينقادون صوب مقاصدهم ورغباتهم، ولو كان في ذلك العطب والهُلك!
وإلى تأثير الخطابة العميق يشير حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قطعت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار" [1] .
ويعتمد التأثير الخطابي - بعد قوة العبارة وجودة الفكرة وحلاوة المنطق - على مكانة الخطيب الاجتماعية وجاهه ومنصبه، علما أو فضلا أو صلاحا أو إلفا أو لتفاعله أثناء الخطبة فيظهر صدقه في لهجته ونبرات صوته. وأيضا جرأته المحمودة وقدرته على البيان البليغ الذي هو من خصائص الرجولة، وقد جاء في التنزيل الحكيم أن العجز عن الإبانة من خصائص الأنوثة التي هي محل الستر وقلة المقارعة، قال الله تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الحِليَةِ وَهُوَ فِي الخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [2] وهي صفة مدح في الأنثى لأنها لا تساجل الرجال لكنها قدح في الرجل، فهو مثل ضربه الله لعيّ اللسان ورداءة البيان حين شبه أهله بالنساء والولدان! لذا عُدت قوة البيان من مقومات الرجولة.
وعليه فإن من المؤثرات النفسية التي تؤازر الخطيب في أداء مهمته على [1] متفق عليه: خ: الأحكام (7169) ، م: الأقضية (1713) [2] سورة الزخرف: 18
نام کتاب : تدريب الدعاة على الأساليب البيانية نویسنده : عبد الرب نواب الدين جلد : 1 صفحه : 362