responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تطلعات إلى المستقبل في مستهل القرن الهجري الجديد نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 94
فإذا أنعم الله على قوم نعمة فإنه يحفظها لهم ما داموا هم حافظين لها، فإذا غَيَرُّوا ما بأنفسهم فإن الله يغير حالهم إلى حال سوء والعياذ بالله، ثم إنهم إذا كانوا في حال سوء، وأرادوا أن يخرجوا منها إلى حال خير فإن عليهم بادئ ذي بدء أن يغيروا ما بأنفسهم إلى خير فيغير الله ما بهم من سوء ويبدل أحوالهم إلى خير.
فعلى هذه القاعدة، أو على هذه السنة الربانية التي لا تتبدل ولا تتحول ككل سنن الله سبحانه وتعالى، نتدارس أمر هذا القرن الجديد، فنسأل عن هذا الاستبشار: هل هو مبني على واقع في نفوس الناس؟ أي بعبارة أخرى: هل بدأ الناس يغيرون ما بأنفسهم؟ فنتوقع إذن أن يغير الله لهم؟ أم إنهم ما زالوا يسيرون على الحال الذي يسيرون فيه؟ فلا تغيير إذن من عند الله ما دامت القلوب لم تتغير والعقول لم تتغير؟
أنا شخصياً من المستبشرين والحمد لله، استبشر لا بالسنوات، ولا بالأرقام، لكن استبشر بما أراه في قلوب الشباب في العالم الإسلامي من المحيط إلى المحيط، من تغير نحو الإسلام.. إنه اتجاه جديد.. بعث إسلامي جديد.. يعمر هذه القلوب من بعد ما كانت خاوية خلال القرون الماضية، فحل بالمسلمين ما حل بهم نتيجة خواء قلوبهم من الإيمان الصحيح، ولكني وأنا أستبشر بمطلع هذا القرن، وأرجو للمسلمين فيه خيراً، لا أغفل عن الواقع الذي نعيشه، لا أغفل عن الظلمات.. عن الأزمات.. عن المصاعب والمشقات التي تحيط بالمسلمين اليوم، وتعتصرهم اعتصاراً على يد أعدائهم في كل مكان في الأرض.
ولعلنا لا نستطيع أن نمضي في الحديث عن هذا القرن الجديد، إلا إذا تحدثنا عن القرون القريبة الماضية، فالمستقبل حلقة من حلقات التاريخ متصلة بالحاضر، والحاضر حلقة متصلة بالماضي، ولا يمكن أن ندرك الحاضر ولا أن ندرك المستقبل المرقوب إلا إذا مررنا بالماضي نستشف أحداثه، ونعرف ما جرى فيه من تغير في أحوال المسلمين بعد أن كانوا هم الأمة، بعد أن كانوا هم القوة في الأرض، بعد أن كان لا يبرم أمر في الأرض إلاَّ برضاهم أو بمشورتهم، أو يغضبون فتهتز الأرض كلها.
كيف تغير الحال؟ كيف صار المسلمون إلى الذل والهوان والتشريد الذي يعيشونه اليوم؟ يُقَتَّلون في كل مكان في الأرض، يعذبون.. يشردون.. يطاردون.. تنتهك أموالهم وديارهم وأعراضهم.. بل تنتهك أرواحهم وقلوبهم.. وتحْشى بأفكار ليس بينها وبين الإسلام صلة، وبأمور مخالفة تمام المخالفة لدين الله. كيف حدث ذلك وقد وعد الله المؤمنين من هذه الأمة بالاستخلاف والتمكين والتأمين، حيث قال سبحانه وتعالى:

نام کتاب : تطلعات إلى المستقبل في مستهل القرن الهجري الجديد نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست