حقوق الإنسان السياسية:
1- لأن السياسة هي التي تسوس الناس، ولأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، كانت حقوق الإنسان السياسية من علامات النهوض والتماسك والترقي في المجتمعات.
والأمة الإسلامية لم تعدم -من خلال الفقه- من ينظم ويقعد القواعد والتنظيرات للسياسة. فالأمة في الإسلام هي صاحبة السلطة، فهي التي تختار حاكمها، وهي التي تقدم له المشورة، وتنصح له وتعينه وتقيله إذا انحرف أو جار. والخليفة في الإسلام ليس نائبا عن الله، بل هو وكيل الأمة.
أخرج الإمام أحمد عن أبي مليكة: قيل لأبي بكر: يا خليفة الله.
قال: أنا خليفة رسول الله.
2- فللناس في المجتمع الإسلامي -على الحاكم- حق النصح والإرشاد، وله عليهم السمع والطاعة في المعروف. فأبو بكر الصديق -رضي الله عنه- حين ولي الخلافة خطب خطبته الشهيرة فقال: "إني وليت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فقوموني، القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له، أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم".
وعمر بن عبد العزير حين ولي الخلافة وبايعه الناس قام يخطبهم فقال: "إنما أنا كأحدكم غير أن الله جعلني أثقلكم حملا".
ويروي لنا الإمام البخاري عن عائشة قالت: لما استخلف أبو بكر قال: "لقد علم قومي أن حرفتي لم تعجز عن مئونة أهلي، وقد شغلت بأمر المسلمين، فسيأكل آل أبي بكر من هذا المال, وسأحترف للمسلمين" "أي أعمل كمستخدم عندهم".