المشركين خاص بهم لذواتهم، وليس بحجة على من يفعل مثل فعلهم كأن من ولد مسلما يباح له الشرك لجنسيته الإسلامية، وإن أشرك بالله في كل ما عده كتاب الله شركا، وعلى هذا لا يتصور وقوع الردة في الإسلام، لأن من سمي مسلما يجب أن يسمى كفره وشركه إسلاما، أو يعد مباحا له أو حراما على الأقل، وقد يعدونه مشروعا بالتأويل) [1].
ويرد الشيخ فوزان السابق تلك الدعوى فيقول: (وأما القول بأن الآيات التي نزلت بحق المشركين من العرب لا يجوز تطبيقها على من عمل عملهم ممن يتسمى بالإسلام لأنه يقول: لا إله إلا الله، فهو قول من أغواه الشيطان. فآمن ببعض الكتاب وكفر ببعض، لأن مجرد التلفظ بالشهادة مع مخالفة العمل بما دلت عليه لا تنفع قائلها، وما لم يقم بحق لا إله إلا الله نفيا وإثباتا، وإلا كان قوله لغوا لا فائدة فيه.
فالمعترض يريد تعطيل أحكام الكتاب والسنه، وقصرها على من نزلت فيهم، وهذا القول يقتضي رفع التكليف عن آخر هذه الأمة) [2].
ونختم هذه الأجوبة، بما سطره القصيمي ردا على هذه الشبهة، يقول: (وما زال المسلمون والعلماء والأئمه الأعلام، يستدلون بالآيات العامة النازله في الكفار على ما يفتون به المسلمين ... ومازالوا يأخذون من تلك العموميات الحجج والدلالات على معتقداتهم وإيمانهم، ولا خلاف عندهم أن القرآن إذا ما نهى اليهود، والنصارى، أو المجوس عن أمر من الأمور، أو أخبر أن ذلك كفر فيهم، أنهم هم أيضا منهيون عن ذلك الأمر، وأنه كفر فيهم.
وقد عقد الإمام الشاطبي في أول كتابه الاعتصام فصلا مبسوطا رد به على البدع والمبتدعين، محتجا بعموم الآيات النازلة في أهل الكتاب، وذكر فيها أقاويل كثيرة عن السلف من صحابة وتابعين ومن بعدهم، قد احتجوا فيها بالآيات المطلقة النازلة أصلا في طوائف الشرك، وأهل الكتاب على إثم البدعة، وخطأ المبتدعين من المسلمين) [3].
1 "صيانة الإنسان للسهسواني (تعليق محمد رشيد رضا) ص 487.
2 "البيان والإشهار لكشف زيغ الملحد الحاج مختار، ص 277. [3] الصراع بين الإسلام والوثنية 1/419 باختصار.