فإننا نشير إلى مسألة مهمة جواباً عن تلك الشبهة، فهناك سؤال مهم هو: هل كانت نجد موطن هذه الدعوة ومحل نشأتها تحت سيطرة دولة الخلافة العثمانية؟
يجيب الدكتور صالح العبود على هذا السؤال فيقول:
(لم تشهد نجد على العموم نفوذاً للدولة العثمانية، فما امتد إليها سلطانها، ولا أتى إليها ولاه عثمانيون، ولا جابت خلال ديارها حامية تركية في الزمان الذي سبق ظهور دعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله، ومما يدل على هذه الحقيقة التاريخية استقراء تقسيمات الدولة العثمانية الإدارية، فمن خلال رسالة تركية عنوانها "قوانين آل عثمان مضامين دفتر الديوان" يعني قوانين آل عثمان في ما يتضمنه دفتر الديوان، ألفها يمين علي أفندي الذي كان أمينا للدفتر الخاقاني سنة 1018هـ الموافقة لسنة 1609م من خلال هذه الرسالة يتبين أنه منذ أوائل القرن الحادي عشر الهجري، كانت دولة آل عثمان تنقسم إلى اثنتين وثلاثين ايالة، منها أربع عشرة ايالة عربية، وبلاد نجد ليست منها ماعدا الإحساء إن اعتبرناه من نجد ... ) [1].
ويقول الدكتور عبد الله العثيمين:
(ومهما يكن فإن نجدا لم تشهد نفوذاً مباشراً للعثمانيين عليها قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، كما أنها لم تشهد نفوذاً قوياً يفرض وجوده على سير الحوادث داخلها لأية جهة كانت، فلا نفوذ بني جبر، أو بني خالد في بعض جهاتها، ولا نفوذ الأشراف في بعض جهاتها الأخرى أحدث نوعا من الاستقرار السياسي، فالحروب بين البلدان النجدية ظلت قائمة، والصراع بين قبائلها المختلفة استمر حاداً عنيفاً) [2].
يقول الدكتور عجيل النشمي:
(إن نجداً وما جاورها لم تعرها دولة الخلافة أهمية تذكر، وربما كانت سياستها هذه تجاه بلاد نجد لسعة أراضيها، وترامي أطرافها، هذا من جانب، ولتمكن التوزيع
1 "عقيدة الشيخ محمد بن عبد الرهاب وأثرها في العالم الإسلامي" - غير منشور- 1/27. [2] محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره، ص 11. واستكمالا لما ذكره العثيمين آنفاً، فإننا نورد قوله: (وما ورد من أن بعض أئمة المساجد النجديين كانوا حينذاك يمجدون السلطان العثماني في الخطبة، ربما كان سببه ما يكنه الناس عامة من مشاعر طيبة تجاه ذلك السلطان، وربما كان ناتجاً عن استعمال أولئك الأئمة لخطب من هم أغزر علماً في المناطق الخاضعة خضوعا مباشراً للعثمانيين) . عن كتاب "تاريخ المملكة العربية السعودية"، ص 36، 37.