فهو تعالى مستغاث، والغوث منه خلقاً وإيجاداً، والنبي صلى الله عليه وسلم مستغاث، والغوث منه تسببا وكسباً) [1].
ويؤكد صاحب "إزهاق الباطل" عدم الفرق في التعبير بين لفظ الاستغاثة أو التوسل أو التشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم يقرر جواز التوسل أو الاستغاثة بالنبي، مادام أن المتوسل أو المستغيث يعتقد أن الله هو المتصرف في الأمور، فيقول:
(لا فرق أن يعبر بلفظ الاستغاثة، أو التوسل، أو التشفع، أو التوجه.. فكل من الاستغاثة والتوسل والتوجه والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره في "تحقيق النصرة"، و"مصباح الظلام "، و"المواهب اللدنية" للقسطلاني واقع في كل حال قبل خلقه، وبعد خلقه في مدة حياته في الدنيا، وبعد موته في مدة البرزخ، وبعد البعث في عرصات القيامة....) [2].
ثم يقول، بعد كلام طويل: (ولا ينبغي أن يستريب أحد في جوازه، كيف والقائل معتقد بأن الله هو الشافي والكاشف للضر، وأن الأمور ترجع إليه) [3].
ويقول أيضا:
(إن كان يعتقد- أي المتوسل والمستغيث بغير الله- أن المتصرف في الأمور هو الله والطلب في الحقيقة، ونفس الأمر منه، وغيره لا يملك شيئا من الضر والنفع والوضع والرفع، ولكن مع ذلك يتوجه الخطاب، والطلب إلى الوجيه المقرب لدى الرب ... فالطلب في الحقيقة منه تعالى لا من سواه، وان كان في الظاهر متوجهاً إلى غيره فلا بأس به في المعنى....) [4].
فالتوسل والاستغاثة بالأموات جائزة- عند صاحب "إزهاق الباطل"- مادام أن المتوسل والمستغيث بالموتى يعترف بأن الله هو المتصرف في الأمور.
ويؤكد محسن بن عبد الكريم هذا المعنى الذي قرره سلفه، فيقول:
(والمتوسل بالنبي، أو الولي لا يعتقد أنه يفعل ما يريد، وأنه إن شاء الضر فعله، وإن لم يأذن به الله، وإن شاء النفع فعله، وإن لم يأذن به الله. ولو كان معتقدا لذلك لما جعله- أي الولي أو النبي- وسيلة إلى الله، ولوجه العبادة إليه من أول الأمر) [5].
1 "فصل الخطاب" ق28.
2 "إزهاق الباطل" لمحمد بن عبد الوهاب بن داود الهمداني، ق62. [3] المرجع السابق، ق72. [4] المرجع السابق، ق75، بتصرف يسير.
5 "لفحات الوجد عن فعلات أهل نجد"، ق26.