الشرك، فإنه يوهم أن للحي فعلا يستقل به دون الميت، فأين هذا من قولنا أن الفعل في الحقيقة لا للحي ولا للميت؟ ومن أمعن النظر في كلامهم لم يفهم منه إلا مذهب المعتزلة في الأحياء ومذهب الذين يئسوا من أصحاب القبور في الأموات) [1].
ويقرر العاملي أن: (الأخبار صرحت بعدم الفرق بين الحي والميت بل -وكذا- الموجود والمعدوم) [2].
ويدعي العاملي -أيضا- أن: (التفرقة بين التوسل بالأحياء والأموات تحكم محض وجمود بحت) [3].
ويذكر الزهاوي مقالة أسلافه، فيدعي أن التوسل والتشفع والاستغاثة بمآل واحد؛ لأن القصد منها التبرك بالأموات الذين بسببهم يرحم الله عباده، ولكنهم أسباب عادية لا تأثير لهم؛ لأن الموجد حقيقة هو الله[4].
ويقول الزهاوي:
(المراد من الاستغاثة بالأنبياء والصالحين والتوسل بهم هو أنهم أسباب ووسائل لنيل المقصود، وأن الله هو الفاعل.. لا أنهم هم الفاعلون كما هو المعتقد الحق في سائر الأفعال، فإن السكين لا يقطع بنفسه بل القاطع هو الله، والسكين سبب عادي خلقَ الله تعالى القطعَ عنده) [5]. فليست السكين -على حد زعم الزهاوي- سببا في القطع وإنما خلق الله القطع عند اقترانه بالسكين..
ويدعي الزهاوي -بناء على ما قرره- عدم التفريق في التوسل بذوات المخلوقين أحياء أو أمواتا، فليس لهم تأثير في شيء[6].
ويزعم الطباطبائي أن الميت كالحي إدراكا وشعورا، بل يزيد الميت على الحي، فيقول:
(أما عدم كون نداء الأموات توجيها للخطاب نحو المعدوم، فلأن للميت من الإدراك والشعور، والالتفات مثل ما له في الحياة، بل أزيد لإجماع المسلمين عليه [1] مجلة نور الإسلام، م 2، مقال التوسل وجهلة الوهابيين، ص 114 بتصرف يسير.
2 " كشف الارتياب، ص 306". [3] كشف الارتياب، ص 304. [4] انظر: "الفجر الصادق"، ص 60.
5 "الفجر الصادق"، ص 53، 54. [6] انظر: "الفجر الصادق"، ص 59.