نام کتاب : شروط النهضة نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 103
والاختلاف هذا يعود إلى الأصول البعيدة. فالثقافة الغربية قد ورثت ذوق الجمال من التراث اليوناني الروماني. أما الثقافة الإسلامية فقد ورثت الشغف "بالحقيقة" من بين ميزات الفكر السامي.
فكان رواد الأولى وحملة لوائها، زعماء الفن من فيدياس Phidias إلى مخائيل انجلو Angelo Michel بينما قادة الأخرى أنبياء من ابراهيم إلى محمد. ومن هنا لم يكن من محض الصدفة أو من لغو الحديث، أن مؤرخي، "النهضة " الأوروبية يحددونها بأنها "رجوع إلى الحضارة الرومانية اليونانية".
ولقد كان لهذا الاختلاف في الأصول البعيدة للحضارتين، أثر فيما ينتجه الفكر، في كل واحدة منهما. فالعبقرية الأوروبية أنتجت مناهج أدبية كتبت على رايتها خلال القرون أسماء لامعة منذ ( Zschyle) اسشيل وسوفوكل ( Sophocle) إلى راسين وبلزاك ودستويفسكي حتى برناردشو. غير أن هذه العبقرية بعيدة عن وحي التوراة والإنجيل والفرقان.
وعلى العكس من ذلك فإن الأدب العربي والادب الاسلامي بصفة عامة.
لم ينتج التراجيديه ( Tragedie) ولا القصة ( Roman) بل لم يحاول أن ينتجهما إلا في القرن العشرين، وفي صور تدعو أحيانا للأسف.
وعليه فإن كل ثقافة تتضمن علاقة "مبدأ أخلاقي- ذوق جمالي" تكون ذات دلالة عن نوع عبقرية مجتمع معين. وهي ليست تطبع إِنتاجه الأدبي بطابع خاص فحسب وإنما تحدد اتجاهه في التاريخ أيضا.
اننا نستطيع مثلا أن نعتبر الاستعمار "كظاهرة ثقافية" يدل على أن الثقافة الغربية حددت علاقة "مبدأ أخلاقي- ذوق جمالي" بصفة معينة وذلك بأن قدمت العنصر الثاني على الأول في ترتيب القيم فأثر هذا الترتيب في علاقة الإنسان الأوروبي بالانسانية.
نام کتاب : شروط النهضة نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 103