في شرح هذا الكلام، كلاماًُ حسناً لا بد من ذكره لما فيه من الفوائد في الرد على من ينكر حد الردة في حروب الردة. (1)
قال رحمه الله: مما يجب تقديمه في هذا أن يعلم أن أهل الردة كانوا صنفين: صنف ارتدوا عن الدين: ونابذوا الملة وعادوا إلي الكفر، وهم الذين عناهم أبوهريرة بقوله: وكفر من كفر من العرب، وهذه الفرقة طائفتان: ...
الطائفة الأولي: أصحاب مسيلمة من بني حنيفة، وغيرهم الذين صدقوا على دعواه في النبوة، وأصحاب الأسود العنسي، ومن كان من مستجيبيه من أهل اليمن وغيرهم، وهذه الفرقة بأسرها منكرة لنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مدعية النبوة لغيره! فقاتلهم أبو بكر رضي الله عنه حتى قتل الله مسيلمة باليمامة، العنسي بصنعاء، وانفضت جموعهم، وهلك اكثرهم.
والطائفة الأخرى: ارتدوا عن الدين، وأنكروا الشرائع،وتركوا الصلاة والزكاة وغيرها من الشرائع؛ وعادوا إلي ما كانوا عليه في الجاهلية، فلم يكن يسجد لله في بسيط الأرض إلا في ثلاثة مساجد: مسجد مكة، مسجد المدينة، ومسجد عبد القيس في البحرين في قرية يقال لها جواثا. والصنف الأخر: هم الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة، فأقروا بالصلاة، وأنكروا فرض الزكاة،ووجوب أدائها إلي الإمام، وهؤلاء على الحقيقة أهل بغي، وهم الذين ناظر عمر أبا بكر في قتالهم. وإنما لم يدع هذا الصنف بأهل البغي في ذلك الزمان خصوصاً لدخولهم في غمار أهل الردة إذ كانت أعظم الأمرين، وأهمهما، ولمشاركتهم المرتدين في منع بعض ما منعوه من حقوق الدين.
(1) ينظر: حد الردة لأحمد صبحي منصور صـ 57 - 60، والمصادر الأخرى السابقة صـ 119.