وهذه الآيات جميعها [1] تستلزم أن تكون هناك أمور من الدين تأتى بها السنة، وهى حجة،
وإلا فلا معنى للأمر بطاعته صلى الله عليه وسلم.
أما الإمام الشاطبى [2] ومن نحا نحوه: فإنهم مع إقرارهم بوجود أحكام لم ترد فى القرآن إلا أنهم يقولون: إنها ليست زيادة على شئ ليس فى القرآن، وإنما هى زيادة الشرح، المستنبط من المشروح بإلهام إلهي، ووحي رباني، وتأييد سماوي.
وبعبارة أخري: هي داخلة تحت أي نوع من أنواع السنة البيانية، أوداخلة تحت قاعدة
من قواعد القرآن الكريم.
وأنت ترى هنا أن الخلاف بين العلماء فى الأحكام الجديدة الواردة فى السنة المطهرة، الخلاف بينهم لفظى، فالكل يعترف بوجود أحكام فى السنة المطهرة، لم تثبت فى القرآن الكريم، ولكن بعضهم لا يسمى ذلك استقلالاً، والبعض الآخر يسميه. والنتيجة واحدة؛ وهى حجية تلك الأحكام الزائدة، ووجوب العمل بها.
ليس فى الأحكام الزائدة على كتاب الله عز وجل، ما يشوه سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بجعله مشرعاً؛ كما يزعم أعداء السنة المطهرة!
لأن الله تعالى قد جعل من جملة صفات رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن مهامه الكبار، أنه يحلل ويحرم،
وهكذا جاء وصفه صلى الله عليه وسلم فى الكتب السماوية السابقة، وهو عليه الصلاة والسلام، لا يشرع [1] سيأتى تفصيل تلك الآيات فى المبحث التالى ص 51. [2] هو إبراهيم بن موسى الغرناطى، الشهير بالشاطبى، أبو إسحاق، مفسر، أصولى، لغوى، محدث، ورع زاهد، من مؤلفاته النفيسة: الموافقات فى أصول الفقه، والاعتصام فى الحوادث والبدع، مات سنة= =790هـ له ترجمة فى: شجرة النور الزكية لمحمد مخلوف 231 رقم 828، والمجددون فى الإسلام لعبد المتعال الصعيدى ص305، والفتح المبين لعبد الله المراغى 2/204، وأصول الفقه وتاريخه للدكتور شعبان إسماعيل ص384.