نام کتاب : فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري نویسنده : القحطاني، سعيد بن وهف جلد : 1 صفحه : 114
وسرَّ بما هو فيه من الخير؛ قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " فيه دليل على استحباب تهنئة من تجدد له نعمة دينية، والقيام إليه، ومصافحته، فهذه سنة مستحبة، وهو جائز لمن تجدد له نعمة دنيوية، وأن الأولى أن يقال له: ليهنك ما أعطاك الله، وما منَّ الله به عليك، ونحو هذا الكلام؛ فإن فيه تولية النعمة ربَّها والدعاء لمن نالها بالتهنِّي بها " [1].
لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب: " ليهنك العلم أبا المنذر " [2] وذلك عندما سأله عن أعظم آية في القرآن فقال رضي الله عنه: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] [3] فينبغي للداعية أن يهنِّي إخوانه الدعاة والمدعوين ويسر بما يتجدد لهم من النعم ويندفع عنهم من النقم؛ فإن ذلك يجذب قلوبهم لمحبته، ومن ثم قبول دعوته.
عاشرا: إيثار طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم على مودة القريب: من صفات الداعية الناجح: إيثار طاعة الله ورسوله على مودة القريب؛ ولهذه الصفة الحميدة لم يرد أبو قتادة السلام على كعب؛ لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن كلامه، قال كعب رضي الله عنه: " تسورت جدار أبي قتادة وهو ابن عمي وأحبّ الناس إليَّ فسلمت عليه فوالله ما رد عليَّ السلام، فقلت: يا أبا قتادة أنشدك بالله، هل تعلمني أحبّ الله ورسوله؛ فسكتَ، فعدت له فنشدته فسكتَ، فعدت له فنشدته فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار ". وهذا يبين مدى طاعة الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فعلى الداعية أن يحرص على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] [4] وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» (5) [1] زاد المعاد 3/ 585، وانظر: فتح الباري لابن حجر، 8/ 124. [2] أخرجه مسلم، في كتاب صلاة المسافرين، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي، 1/ 555 برقم 810. [3] سورة البقرة، الآية: 255. [4] سورة النور، الآية: 63.
(5) متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه: البخاري، في كتاب الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان 1/ 11 برقم 15، ومسلم، في كتاب الإيمان، باب وجوب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل والولد والناس أجمعين 1/ 67 برقم 44.
نام کتاب : فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري نویسنده : القحطاني، سعيد بن وهف جلد : 1 صفحه : 114