نام کتاب : فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري نویسنده : القحطاني، سعيد بن وهف جلد : 1 صفحه : 116
بل يزيد الشرَّ والهاجر ضعيف، وتكون مفسدة الهجر راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، كما كان الهجر لبعض الناس أنفع من التأليف؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف قوما ويهجر آخرين [1] وينبغي أن يفرق بين الهجر لحق الله، وبين الهجر لحق النفس: فالهجر لحق الله تعالى مأمور به، والثاني منهي عنه [2].
فعلى الداعية أن يراعي هذه الضوابط في الهجر التأديبي ويضع كل شيء في موضعه كالطبيب الحاذق الذي يعطي العلاج على حسب المرض.
الثالث عشر: من وسائل الدعوة: القدوة الحسنة: من وسائل الدعوة القدوة الحسنة، وذلك يرَغِّب الداعية في أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل أموره، وأن يكون هو قدوة للمدعوين ويقتدي أيضا بأهل العلم ويتأسى بهم.
وفي الحديث ما يدل على هذه الوسيلة وهو قول كعب رضي الله عنه: ". . . وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي: والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا، ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المتخلفون، قد كان يكفيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك. فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع فأكذِّب نفسي، ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي أحد؟ قالوا: نعم. رجلان قالا مثل ما قلت، فقيل لهما مثل ما قيل لك. فقلت من هما؟ قالوا: مرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي، فذكروا لي رجلين شهدا بدرا فيهما أسوة فمضيت حين ذكروهما لي "؛ ولهذا قال ابن القيم رحمه الله: " فيه أن الرجل ينبغي له أن يبرِّدَ حَرَّ المصيبة بروح التأسي بمَنْ لقي مثل ما لقي. . " [3] والتأسي بالنظير ينفع في الدنيا بخلاف الآخرة [4] لقوله تعالى: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الزخرف: 39] (5) [1] انظر: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 28/ 204 - 207. [2] انظر: المرجع السابق 28/ 208 وفتح الباري لابن حجر، 8/ 124. [3] زاد المعاد 3/ 577. [4] انظر: المرجع السابق، 3/ 577، وفتح الباري لابن حجر، 8/ 120.
(5) سورة الزخرف، الآية: 39.
نام کتاب : فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري نویسنده : القحطاني، سعيد بن وهف جلد : 1 صفحه : 116