والوجه الصاعد في الترتيب نفسه (اليد ـ اللسان ـ القلب) ناظرُُ إلى شمولية التكليف، وكثرة من يطيق أو من يصلح، فلا شك في أن التغيير باليد وما ضارعها، من يكلف به لتحقق شروطه فيه، أقل بكثير ممن يكلف بالتغيير باللسان، وكذلك من يطيق أو من يصلح للتغيير باليد، أقل ممن يطيق أو يصلح للتغيير باللسان، وأكثر ذلك عدداً في هذا التغيير بالقلب، فذلك الذي لا يعجز عنه مسلم البتة، فكل المسلمين له صالحون ما داموا أهلاً للتكليف.
فالترتيب الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ناظر في حاليه، إلى منهاجية التدرج العلمي للتغيير، وليس ناظراً إلى التدرج التربوي للنهي عن المنكر، وفرق بين تغيير المنكر والنهي عنه، فالتغيير أخص من النهي.
ومنهاجية التدرج في النهي، يُبْدأ فيها بالتعليم، وتأليف القلوب، واستمالتها إلى البعد عن المنكر بالحكمة والموعظة، فإن لم يُجد ذلك انتقل إلى ما هو أشد منه في النهي، كإظهار التجهم والإعراض عن الإكرام، فإن لم يجد، كان النهي بما هو أشد من ذلك.