والتغيير القلبي للمنكرات على النحو الذي كشفنا عن حقيقته: كُرهُُ قلبي، تصاحبه استجابة سلوكية لمقتضياته، إنما هو فرض عين على كل مسلم ذكراً أو أنثى أياً كان وضعه في العلم والجهل، والغنى والفقر، الصحة والمرض، فهو لا يسقط عن أحد مادام مكلفاً.
وهو ملازم لما هو أعلى منه تكليفاً، فمن استطاع التغيير اليدوي لزمه معه أيضاً التغيير القلبي، وكذلك مستطيع التغيير اللساني يلزمه التغيير القلبي على النحو الذي شرحناه.
وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ التارك للمنكرات فعلاً وقولاً لكنه يخالط أهلها، وغير غاضب لله عز وجل بشأنها، إنما هو من أهل المنكرات أيضاً، لا يقل عنهم شناعة إثم واستحقاق عقوبة.
((عن جابرٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوحى الله عز وجل إلى جبريل ـ عليه السلام ـ أن اقلب مدينة كذا وكذا بأهلها، قال: يا ربّ إن فيهم عبدك فلاناً لم يعصك طرفة عين، قال، فقال: اقلبها عليه وعليهم، فإنَّ وجهه لم يتمعَّر فيَّ ساعة قطُّ» .