وللعالم الداعية في ذلك أسوة حسنة، فإذا ما رأى أن تصديه للمنكر وإقدامه على الاستشهاد في سبيل الله تعالى، خسران بالغ للدعوة والأمة، وإن كان فيه نفع له وحده، أن يقدم صالح الدعوة والأمة على صالحه هو، وذلك كأن يكون إماماً في قومه ذا منهج بديع في الدعوة وذا أثر نافذ في القلوب لا يتحقق من غيره كمثل تحققه منه، وأنه يستفاد منه سالماً في الأمة أكثر من استشهاده، فليكن حرصه حينذاك على سلامته من القتل أولى وأعلى من حرصه على استشهاده، حتى يتمكن من تربية قادة يخلفونه وأجيال تحمل أمانة الدعوة من بعده.
أما إن رأى العالم بحكمته أنّ في صبره واستشهاد إلهاباً وتأجيجاً لجذوة الانتصار للحق في قلوب الأمة، وكان في الناس من يخلفه في الدعوة، فالأعلى أن يصبر حتى يقتل.
· وإن كان الخائف على نفسه القتل، ليس من أهل العلم والقدوة، فأحبّ إليّ أن يدع ذلك التغيير حتى يزول ما يخشاه، ما دام في الأمة من يقوم به ممن هو الأعلى منه من أهل العلم، شريطة أن يناصرهم بما يستطيع، وأن يخلفهم في أهليهم.