" وعلا صوت هادر من مجموعة أخرى قائلاً: وما رأيكم فى هذا. وعلى أثر ذلك أزاح صاحب الصوت ـ وهو زنجى ـ ياقة قميصه كاشفاً عن أثر بشع لحبل حول عنقه وصاح من جديد: شنقت لا لسبب إلا أنى أسود.. لقد وضعنا كالحيوانات فى سفن العبيد، بعد انتزاعنا من وسط أحبائنا، واستعبدنا، حتى حررنا الموت..
" وعلى امتداد البعد كنت ترى المئات من أمثال هذه المجموعات، كل منها له دعوى ضد الله: بسبب الشر والعذاب اللذين سمح بهما فى عالمه. كم هو مرفه هذا الإله! فهو يعيش فى السماء حيث كل شىء مغلف بالجمال والنور، لا بكاء ولا أنين، لا خوف ولا جوع ولا كراهية، فماذا يعرف هو عما أصاب الإنسان وتحمله مكرهاً فى هذا العالم؟..
" حقاً، إن الله يحيا حياة ناعمة هانئة لا تعرف الألم..
" وهكذا خرج من كل مجموعة قائد، كل مؤهلاته أنه أكثر من قاسى وتألم فى الحياة، فكان منهم يهودى وزنجى وهندى ومنبوذ وطفل غير شرعى، وواحد من هيروشيما وآخر عبد من معسكرات المنفى والسخرة..
" هؤلاء جميعاً اجتمعوا معاً يتشاورون، وبعد مدة كانوا على استعداد لرفع دعواهم، وكان جوهرها بسيطاً جداً، قبل أن يصبح الله أهلاً لمحاكمتهم، عليه أن يذوق ما ذاقوا!!..
" وكان قرارهم الحكم على الله أن يعيش على الأرض كإنسان، ولأنه إله، وضعوا شروطاً تضمن أنه لن يستخدم قوته الإلهية ليساعد نفسه، وكانت شروطهم:
" ينبغى أن يولد فى شعب مستعمر ذليل..
" ليكن مشكوكاً فى شرعية ميلاده، فلا يعرف له أب، وكأنه وليد سفاح..
" ليكن صاحب قضية عادلة حقيقية، لكنها متطرفة جداً حتى تجلب عليه الكراهية والحقد والإدانة بل والطرد أيضاً من كل سلطاته الرئيسية التقليدية، ليحاول أن يصف للناس ما لم يره إنسان أو يسمع به، ولا لمسته يداه، ليحاول أن يعرف الإنسان بالله..
" ليجعل أعز وأقرب أصدقائه يخونه ويخدعه، ويسلمه لمن يطلبونه، ليجعله