وقد دلت الأحاديث أيضاً أن قاتل نفسه لا يخلد فى النار، روى الإمام مسلم فى صحيحه عن جابر أن الطفيل بن عمرو الدوسى أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هل لك فى حصن حصين ومنعة؟ (قال: حصن كان لدوس فى الجاهلية) فأبى ذلك النبى صلى الله عليه وسلم للذى ذخر الله للأنصار، فلما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر إليه الطفيل بن عمرو، وهاجر معه رجل من قومه. فاجْتَوَوا المدينة. فَمَرِضَ، فَجَزِع، فَأَخَذَ مَشَاقِصَ [1] له فقطع بها بَرَاجَمه فَشَخَبَتْ [2] يداهُ حتى مَاتَ، فَرَآهُ الطفيل بنَ عمرو فى منامه. فرآه وهيئته حسنة، ورآهُ مغطِّياً يَدَيْهِ، فَقَالَ له: ما صنع بك رُّبكَ؟ فقال: غفر لى بهجرتى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال: مالى أَرَاك مُغَطِّياً يديك؟ قال: قيل لى لن نُصْلِحَ منك ما أفسدتَ، فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم وَلِيديهِ فاغفر" [3] . [1] مشاقص: جمع مشقص وهو نصل السهم إذا كان طويلاً غير عريض. انظر: النهاية فى غريب الحديث 2/490. [2] شخبت: أى سألت من الشخب، وهو السيلان انظر: النهاية فى غريب الحديث 2/450. [3] مسلم "بشرح النووى" كتاب الإيمان، باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر1/407 رقم 116