ذات الإرادات الحرة، في حدود دوائر سلوكها الإرادي الحر، الخاضعة فيه للمسؤولية والحساب والجزاء. أما في حدود دوائرها الجبرية من حركات وسكنات، ونمو وتطور، وتأثير في غيرها وتأثر بغيرها، وكل ما لا يخضع لإرادتها الحرة في ذواتها، فهي تخضع في كل ذلك لقوانين وسنن جبرية ثابتة، كسائر الكائنات المجبورة، لأنها في هذه الدوائر مجبورة لا اختيار لها.
وإذ منح الله الناس إراداتٍ حرة، ليبلوهم أيهم أحسن عملاً، جعل سلوكهم الإرادي ضمن الحدود التي مكنهم من التحرك الإرادي فيها، خارجاً عن نطاق القوانين أو السنن الجبرية.
ولما كان لكل إنسان إرادة حرة ممكنة من اختيار ما تشاء، ومن التحرك في الحياة على ما تشاء، كان خضوع الناس جميعاً في مجالات حرية الإرادة التي رفع عنها الجبر، وفطرتها التي فطرها الله عليها، إذ أعطاها بقانون الخلق منحة التحرك والتوجه بالمشيئة الذاتية.
من أجل ذلك فإن دراسة ظاهرات السلوك الإنساني لا يستفاد منها قانون جبري عام، لأن القانون الجبري يناقض مبدأ الحرية التي منحها الله للإرادات الإنسانية، وبناءً على ذلك قال الله تعالى في سورة (الكهف/18 مصحف/69 نزول) :
{وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ ... *} .
وعلى الإنسان بعد ذلك أن يتحمل مسؤولية مشيئته، ويُعِدَّ نفسه