والوحي طمساً كلياً، وفي هذه الحالة تكون العلمانية إلحاداً بصورة إيجابية، أو إهمالاً للدين وعدم التفات إليه، أو طمساً جزئياً، وفي هذه الحالة تكون العلمانية إلغاءً للدين فيما عدا قضايا الاعتقادات الدينية والغيبية، أو العبادات المحصنة وطقوسها، مع بعض أحكام ومراسيم أخرى، وسلوك فردي خاصّ بمستلزمات الحريّة الشخصية.
ولفظ "العلمانية" ترجمة اصطلاحية مهذبة فيها تعديل لما حقُّه أن يترجم بـ"اللادينية" أو بـ"الدنيوية" أو بـ"الاتجاه الذي لا يعتبر الدين، ولا يهتم به، ولا يقيم له وزناً في شؤون الحياة" و"الدنيوية" التي ترجمت "بالعلمانية" لا تؤمن بشيء وراء الحياة الدنيا.
وكلٌّ من الترجمة والأصل الغربي يعبّر عن اتجاه فكري وعملي ظهر بقوة إبان الثورة الفرنسية، قبلها إرهاصاً، وبعدها شعاراً ومبدأً، فهو من الشعارات التي برزت بروزاً واضحاً في الغرب أواخر القرن الثامن عشر.
وقد غدا من الواضح لدى كل الباحثين المحققين -كما سبق بيانه- أن الثورة الفرنسية وشعاراتها مكيدة دبرها المكر اليهودي، وتآمر على وضع خططها اللازمة المرابون العالميون اليهود، بتوجيه النورانيين من الحاخامين.
وإذا ادعى أصحاب الاتجاه العلماني، أن العلم الحق الذي تُوصِلُ إليه وسائل المعرفة الإنسانية يتناقض مع مفاهيم الدين وتعاليمه، وإذْ روجوا لهذه الفرية بمختلف وسائل الإعلام ومناهج التعليم، فقد غدا الطريق ممهداً أمامهم للمناداة بوجوب فصل الدين عن شؤون الحياة كلها، لا سيما القوانين، والسياسة، والإدارة، والحكم، والقضاء , والاقتصاد، وقضايا السلم والحرب، وكذلك الأخلاق وسائر العلاقات الاجتماعية. وبوجوب عزل الدين عزلاً كلياً بين جدران المعابد، وفي حدود العقيدة والعبادة المحضة، وبعض الطقوس والشكليات المتعلقة بالزواج ودفن الموتى، وصور من السلوك الفردي الذي تكفله مبادئ الحرية الشخصية التي سادت في الغرب.