في انتظار ما يصل إليه البحث العلمي بيقين، هذا إذا كان مضمون النص من الأمور الكونية، والذي يمكن الوصول إلى حقيقته بالوسائل الإنسانية، أما الأمور التشريعية والغيبية الاعتقادية التي لا سبيل إلى معرفة حقيقتها بالوسائل الإنسانية فالنصوص فيها تفهم بموجب مقررات وقواعد أصول الفقه، وما يقتضيه الأرجح من دلالة اللفظ وفق أساليب الاستعمال البياني.
* * *
ورطة النصرانية:
وبهذه المناسبة نتذكر أن النصرانية لما سقطت في طائفة من المفاهيم الباطلة الدخيلة على أصل الدين، والمخالفة له، والمناقضة لأصول العقل والعلم الصحيح، حاولت أن تتخلص من ورطتها هذه بمقولتها المشهورة "الدين لا يخضع للعقل". وأطلق علماؤهم بين أتباعهم كلمتهم المأثورة: "أطفئ مصباح عقلك واعتقد وأنت أعمى". وحرموا التفكير والنظر في مسائل الدين، وفرضوا عليهم التسليم الأعمى بالإله المثلث، دون مناقشة ولا نظر، مع أن أصول العقل السليم ترفض هذا رفضاً قطعياً، ولا تسلم به النفوس إلا مع تعطيل منطق العقل، ورافق ذلك أنهم أقفلوا باب العقل والبحث العلمي نهائياً عن كل مسألة تعرضت لها نصوص دينهم، أو تفسيراتهم لها وإن كانت باطلة، أو آراؤهم وأفكارهم التي اقتبسوا بعضها من الفلاسفة أو غيرهم، وألحقوها بالدين جهلاً وغفلة، أو افتراءً على الله ودينه، حتى ما كان منها متعلقاً بواقع الكون الذي تستطيع الوسائل الإنسانية أن تصل إلى معرفته.
* * *
موقف الإسلام من العقل والعلم الصحيحين:
ولما جاء الإسلام رفض هذا التثليث الدخيل على دين الله، ونادى بالوحدانية، وقدم على ذلك شهادة من عند الله نزل بها الوحي على رسول الله محمد، وشهادة من أولي العلم، فجعل العقل العلمي شاهداً على هذه الحقيقة، وناقش مخالفيها على أساس من العقل والعلم، واعتبر