عميق، لاكتشاف الشروط المثلى، لتكوين أمة من الناس، قوية الترابط، شديدة التماسك، صلبة العناصر، بنيانها مرصوص يشد بعضه بعضاً، قادرة على الصمود ضد كل عوام التفكك والانقسام والتمزق، وكل الزوابع والأعاصير التي تهدف إلى تفتيت وحدتها.
وبالبحث العميق ينكشف للباحث أن هذه الشروط المثلى، هي الشروط التي تتوافر فيها الروابط المتعددة المتشابكة، التي تتناول كل كيان الإنسان، وكل أركانه، ومعظم ما يُهمه في حياته.
وفي المرتبة الأولى من كل ذلك كيانه الذاتي وأركانه الداخلية، ثمّ تأتي مصالحه وحاجاته الوقتية وعلاقاته الخارجية.
ويبرز للباحث من ذلك ما يلي:
1- مفاهيمه التي تهيمن على فكره.
2- عقائده التي تهيمن على قلبه ووجدانه وجملة من مشاعره، فتكوّن إيمانه الراسخ في حياته.
3- عواطفه التي تهيمن على نفسه، وطائفة من مشاعره.
4- المناهج والنظم التي يطيع لها، باعتبارها نابعة من مفاهيمه وعقائده، فتكون هادية له في أخلاقه وحركة سلوكه في حياته.
5- المصالح والمنافع التي ترضي مطالبه في الحياة بصورة عادلة، نابعة من مفاهيمه وعقائده.
وهذه لا يتحقق منها في فكرة "الإنسانية" إلا جزء يسير من أجزاء العنصر الأول من هذه العناصر الخمس.
فمن المفاهيم الكثيرة التي تهيمن على فكر الإنسان، مفهوم اشتراك الناس جميعاً في أنهم منحدرون من أصل واحد، وهم يشتركون في صفاتٍ نوعيةٍ عامة متماثلة.