ومثل لما أسماه بوظيفة الخرافة بمثال المرأة التي فتحت باب المصعد في الطابق العالي، لتنزل فيه، فوجدت أن حارس المصعد قد دفعها بقوة، فطرحها أرضاً، ثمّ نهضت وأخذت تفكر فيما جرى لها، فرأت أن باب المصعد مفتوح كما فتحته، لكن غرفة المصعد موجودة في الطابق الأرضي وليس في طابقها، عندئذٍ أدركت أن المصعد معطل لخلل طرأ عليه، وأن الباب قد فتح بسبب الخلل الطارئ، ولو أنها دخلت لهوت في بئر المصعد فتحطّمت، ثمّ أدركت أن الوهم قد أسعفها بالصورة التي تخيلتها في حارس المصعد الذي دفعها، فكان للخرافة الوهمية هذه وظيفة دفع الخطر عن المرأة.
وعقّب على هذه القصة بأن فكرة الإله في أفكار الناس مثل صورة حارس المصعد الذي دفع المرأة ليحميها، كلٌّ منها من صنع الوهم، لكنّه وهم دفاعيٌّ نافع، وهكذا كان لهذه الخرافة وظيفتها الدفاعيّة.
بهذا نلاحظ أن "برجسون" قد ألغى ابتداءً كل الحقائق العقلية والعلمية التي جاءت بها الأديان الربانية، وأخذ يدرس الأديان البدائية والأديان الوثنية الخرافية، ويجعل لها تفسيرات نفسيّة بعيدة عن منطق العقل وبراهين العلم، لأن هذه الأديان فاسدة لا تملك بطبيعتها مثل هذه البراهين، ثمّ أطلق كلامه وعممه على كل الأديان.
وهكذا تعتمد مغالطته على ثلاثة عناصر:
العنصر الأول: تفسير الظاهرة الدينية تفسيراً بعيداً عن الحقيقة. ولئن كانت كما يقول في بعض الصور عند بعض الناس، فهي ليست كذلك في كلّ الصور ولا عند كل الناس.
العنصر الثاني: التعميم الفاسد، إذ عمم حكمه على كل دين، اعتماداً على ما فسّر به أدياناً بدائية فاسدة باطلة، مع احتمال أن تكون الأديان الباطلة بدائية ذات أصول صحيحة، لكن دخلها التحريف والتبديل بعد ذلك، ودخلت فيها الوثنيّات من صنع الانحراف الإنساني، كما هو