به "ديموقريطس" من قبل، لكن "أبيقور" أضاف فكرة الميل في التحرّك الآلي في الذرات، ليحصل التصادم بينها، فتتكوّن الظاهرات الكونية.
ونقض المذهب المادّي كلّه يرجع إلى براهين واحدة، منها ما سبق بيانه لدى الكلام على "ديموقريطس". وتفصيلها سيأتي إن شاء الله في فصل خاصّ، يردّ على جميع آراء المادّيين.
ثانياً: للأبيقوريين أقوال يهاجمون فيها الدين الوثني المعدد للآلهة، والذي كان منتشراً بين اليونانيين وغيرهم، في تلك العصور.
فمن أقوال "لوكرتيوس" أحد الأبيقوريين: "إن الدين شرٌّ ما بعده شرّ، وإن الواجب على الإنسان ومهمة الفلسفة الأولى أن تتخلص نهائياً من كل دين، لأن الدين هو ينبوع كل شر ".
وربما لم يكن في عهدهم ذلك صورة صحيحة عن دين رباني صحيح، وإنما لديهم أديان وثنية خرافية، لذلك شجبُوا الدين الذي رأوا نماذجه في عصورهم.
ولذلك نجد في تعبيرات الأبيقوريين: أن الذي يؤمن بالدين الشعبي المألوف ومعتقداته يرتكب خطيئة دينية في الواقع، بينما الذي لا يؤمن بها هو الذي يسلك سبيل الصواب.
وهجومهم على هذا النوع من الأديان لا شأن لنا به، وقد يكون لهم في ذلك عذر، لما عليه هذه الأديان من خرافات وأضاليل وأكاذيب.
ثالثاً: ينكر الأبيقوريون ظاهرة العناية الإلهية، التي هي إحدى أدلة المثبتين وجود الله.
وإنكارهم لها مستند إلى ملاحظة أمور يرونها في الكون شرّاً، ويرون أن وجودها ينقض بحسب تصوّرهم فكرة العناية، حتى زعموا أن فكرة العناية الربانية وهم من الأوهام، وقالوا:
* أين العناية الربانية في عالم حظّ الشرِّ فيه أكبر من حظ الخير،