الإنسان ما دام قد خلق ليمتحن، وليكسب مقادير آخرته باختياره، فإنّ الامتحان في دار الحياة الدنيا هذه يستلزم أن يكون الإنسان فيها عرضة لقسمين من أقسام الامتحان، نظراً إلى أن إحساسه الشعوري قائم على محورين، محور اللذة ومستتبعاتها، ومحور الألم ومستتبعاته.
فالقسم الأول: هو ما يلذه أو يفرحه ويسرّه من محابّ في هذه الحياة الدنيا وهي النعم المادّية أو المعنوية التي تمتعه ليختبر بها حمده وشكره، واستقامته، وعدم بطره وطغيانه، فإذا كان من الناجحين في هذا الامتحان كان من الخالدين في السعادة يوم الدين.
والقسم الثاني: ما يؤلمه ويحزنه ويسوؤه من مكاره في هذه الحياة الدنيا، وهي المصائب التي تمسّه، ليختبر بها صبره واحتماله، ورضاه عن الله فيما تجري به مقاديره، واستقامته على طاعته، وثباته على إيمانه بربه وبكمال حكمته، رغم كل ما أصابه من مكاره.
إذن: فلا بد من وجود مصائب ومكاره في هذه الحياة الدنيا، ليستوفي الامتحان شروطه اللازمة له، بذل تقضي الحكمة.
هذه الحقيقة بينها الله عزّ وجلّ لنا بقوله في سورة (الأنبياء مصحف/73 نزول) :
{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} .
وفي ظروف الحياة الدنيا قد تقضي الحكمة بمعاقبة بعض المسيئين والمجرمين، عناية بالمسيء حتى يتوب، أو تنبيهاً على قانون العدل الرباني، أو مكافأة للمظلوم وجبراً لخاطره. على أن الجزاء الأوفى مدّخر إلى يوم الدين، ونظير ذلك يكون في بعض صورة الثواب العجل.
وآلام الذين هم دون التكليف آلام إعداد وتربية، اقتضتها السنن الثابتة العامة.
فكلٌّ من النعم والمصائب في هذه الحياة الدنيا، إما أنها للامتحان