لمحة من كشف الزيف
أولاً: إن أفكار هيوم في إنكار السببية تقوم على الادعاء المجرد من أي دليل. وقد استغل فيها أن الأسباب الكونية لا تستطيع أن تفعل بذواتها مسبباتها، لعدم وجود الارتباط العقلي بينها وبين مسبّباتها، إلا أن تأثيراتها الظاهرة الصورية تنبّه على وجود السبب الحقيقيّ الفعّال، وهو الخالق البارئ المصور.
لكن "هيوم" لعب لعبة التعميم الفاسد، فاتخذ من إبطال فاعلية الأسباب الصوريّة بذواتها، وسيلة لإنكار كل سبب حقيقيٍّ، وكل علة حقيقية.
ثانياًً: ادّعاؤه أن البحث عن علة لكل شيء في هذا الكون، يجرّ إلى البحث عن علة لله نفسه، ادعاءٌ باطل.
وذلك لأن ادعاءه قائم على قياس فاسد، وهو قياس الأزلي الأبدي الذي هو واجب الوجود لذاته، ويستحيل في العقل عدمه، على الكون الحادث، الذي لم يكن ثمّ كان، ولا بد من البحثِ عن علة انتقاله من العدم إلى الوجود.
ثالثاً: ادّعاؤه أن سلوك الإنسان عمل آلي محض، ولا يخضع لإرادة حرةٍ في الإنسان، ادعاءٌ يبطله شعور الناس جميعاً بالتفريق بين العمل الإرادي والعمل الآلي في ذواتهم. ويبطلُه أن الناس قادرون على أن يسلكوا بإرادتهم أنواعاً من السلوك تخالف ما تدعوهم إليه مطالب لذاتهم، ويتحملون في ذلك آلاماً، والموجّه لهم في ذلك هو منطق العقل، ورعاية المصلحة المستقبلة.
ألا يتحمل العقلاء آلام العمليات الجراحية الطبية، ويسعون لها