إذن: فلا بد من موجود هو أكمل من الإنسان، يملك أن يخلُق في الإنسان صفات العلم والإرادة الحرة، وسائر الصفات النفسية، بعد منحة صفة الحياة.
بل لا بد أن يكون هذا الخالق ذروة الكمال كله.
ويمكن أن نسمي هذا (دليل الكمال) .
البرهان السادس: من الملاحظ في أحداث تاريخ الإنسان، أن مظاهر الجزاء العادل للأمم من السنن الثابتة في الكون.
والجزاء العادل لا يكون من مادة صماء عمياء لا تعلم من أحداث الناس ونياتهم شيئاً.
إذن: فلا بد من موجود عظيم عليم يرقب أعمال الناس، ويعلم نياتهم ومقاصدهم، ويجازيهم بعدله. وهذه الصفات لا بد أن تكون صفات موجودٍ ليس جزءاً من الكون المدروس، ولا مشبها له، لأن شيئاً منه لا يصلح لمثل هذه الصفات.
وشواهد مظاهر الجزاء العادل الذي ليس له سبب إنساني ظاهر كثيرة في تاريخ الناس.
وهذا دليل (ظاهرة العدل) .
البرهان السابع: الروح سر غير مادي من أسرار هذا الكون، وهذه الروح متى وجدت في المادة صارت المادة حية.
ولا يوجد واحد في الأحياء يعرف روح نفسه، أو يملك نفخها في المادة، أو يملك تثبيتها إذا جاء أجل مفارقتها لجسدها.
إذن: فلا بد من موجودٍ أعلى من المادة، ومن عالم الأرواح التي لا تملك لأنفسها شيئاً، وهذا الموجود الأعلى هو الذي ينفخها في المادة فتكون حية، ويقبضها من المادة ميتة لا حياة فيها.