تحيط به الأنفس والصدور من ضواغط مؤملة مضجرة، ولو كان الإنسان موسعاً عليه في الرزق، قد تكون عقوبة من الله نازلة بالإنسان، يحس بها وبآلامها في صدره ونفسه، بسبب إعراضه الإرادي عن ذكر الله، وانشغاله الكلي بمشكلات الحياة الدنيا وزينتها، ولعبها ولهوها، والتفاخر والتكاثر فيها، الأمر الذي أنساه آيات ربه، بعد أن أتته وعلمها، ولكنه انشغل بدنياه فأعرض عنها فنسيها.
ويعاقب المعرض عن ذكر الله يوم القيامة عقاباً آخر، فيحشر أعمى، لأنه أغمض بصيرته في الدنيا، فتعامى عن تكرير مشاهدة آيات الله البينات، بعد أن أضاءت له أنوارها فرآها، ثم نسيها نسياناً كلياً بمرور الزمن، فكان كأنه أعمى لا يراها، فعوقب على ذلك يوم القيامة من جنس عمله، فحُشر أعمى.
ويبدو أن هذا المعرض هو من صنف المؤمنين، إلا أن معاصيه صرفته كلياً عن ذكر ربه.
أما من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه فله في الحياة الدنيا مثل هذا الضنك النفسي، وله في الآخرة عذاب أشد وأبقى، دل على هذا قول الله عز وجل: {وكذلك نجزي من أسرف ومل يؤمن بآيات ربه، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى".
(3)
شواهد من أقوال الملحدين
لقد عبر عن العذاب النفسي الذي دلت عليه نصوص من القرآن الكريم، فريق كبير من فلاسفة الملحدين الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر.
إنهم لما أبعدوا عن تصوراتهم قضايا الإيمان بالله واليوم الآخر، وأقفلوا على أفكارهم نوافذ الرؤية التي تطل على هذه القضايا، ورفضوا كل أدلة الإيمان بالغيبيات، وجدوا أنفسهم أمام مجموعة من مشكلات الحياة القاسية على النفوس، والمثيرة للقلق فيها.