لربهم وأقاموا الصلاة} فهما من الأوصاف الخيرية للمؤمنين، مع أن الاستجابة لله فرض وإقامة الصلاة ركن من أركان الإسلام.
فالمؤمنون مكلفون في أمورهم العامة المتروكة شرعاً لاختيارهم بتطبيق قاعدة الشورى، ومن الأمور العامة المتروكة لاختيارهم تنظيم النظم التي ليس لها أحكام شرعية مبينة كما سبق، واختيار شخص الأمير الأعلى الذي يسوسهم، ويطبق فيهم شريعة الله، ثم ما فوضوه بتطبيقه من أمورهم، فعليهم أن يؤمّروا أميرهم عاملين بقاعدة الشورى.
والأصل في الشورى أنها حق مشترك عام بالتساوي بين جميع المؤمنين والمؤمنات.
ولكن استخدام هذا الحق لا يتم إلا من قبل من هم أهل للمشورة وإبداء الرأي، أما غير الراشدين فليسوا أهلاً لذلك عقلاً وشرعاً.
واستخدام هذا الحق شرطه العادلة الشرعية، أما من سقطت عدالته الدينية بفسقه أو فجوره أو بدعته المخالفة المنحرفة عن شريعة الإسلام، فليس مأموناً على مصالح المسلمين العامة، وبذلك يسقط حقه في المشاركة بالمشورة الملزمة.
فالشورى حق جماعة المؤمنين، وهيئتهم الاجتماعية هي التي تقرر ما هو لهم من أمر قد تركه الله لاختيارهم، وفي هذه الدائرة يقع أمرهم، أما ما وراءها فهو أمر الله ورسوله، أو أمر من أمر الله بطاعة أمره، إذ لم يعطهم الله في ذلك سلطة الأمر.
ولكن ليس من حقهم أن يتركوا الأمر فوضى دون إقامة حكم إسلامي ودون تنظيم الأمور المتروكة لاختياراتهم التنظيمية.
فيجب عليهم شرعاً تأمير أمير عليهم منهم، هو أفضلهم وخيرهم لسياسة الأمة، وإدارة شؤونها وحماية الإسلام ونشر دعوته، وذلك فيما تراه أكثرية الفئة الصالحة المؤهلة للنظر في اختيار من هو الأفضل والأصلح لإمارة المؤمنين، وهم أهل الحل والعقد كما سيأتي بيانه.