نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 14
لمن كانت الشرعية في تلك المرحلة في مكة؟ لقد كانت في حس الناس جميعاً لقريش.!
وما وضع المؤمنين يومئذ؟ وضعهم أنهم خارجون على الشرعية.!
ومن حق صاحب الشرعية - ولا شك - أن يؤدب الخارجين عليه!
وصحيح أن قريشاً تشتد في ((التأديب)) إلى حد الفظاظة والقسوة، وأن بعض الناس قد يتأذى لهذه الفظاظة، حتى ليحاول أن يبسط حمايته - أو جواره - على بعض المعذبين المستضعفين، ولكن يظل الأمر في حس الناس - من حيث المبدأ - أن قريشاً هي صاحبة الشرعية، وأن المؤمنين خارجون على الشرعية، وأن من حق صاحب الشرعية أن يؤدب الخارجين عليه!
فهل كان من مصلحة الدعوة أن يدخل المؤمنون يومئذ في معركة مع قريش، وهذا التصور هو السائد بين الناس؟!
كلا بالطبع!
والآن فلننظر ماذا تم حين استجاب المؤمنون للأمر الرباني وكفوا أيديهم.
لقد تمت أمور كثيرة في الحقيقة.
ففي البيئة العربية المعروفة ((بإباء الضيم)) ، والتي تحدث فيها المعارك الضارية لأسباب نرى نحن اليوم أنها تافهة، لا تستحق أن تراق فيها قطرة دم واحدة، وقد تطول تلك المعارك سنوات عديدة، ويفنى فيها كثير من الخلق كمعركة داحس والغبراء [1] . في البيئة التي يمتشق فيها الرجل الحسام لأدنى إهانة توجه إليه، والتي يقول فيها عنترة: [1] معركة نشبت في أواخر العصر الجاهلي بين قبيلتي عبس وذبيان، بسبب سباق أجرياه على فرسين إحداهما تسمى داحس والأخرى تسمى الغبراء، فاختلفت القبيلتان على نتيجة السباق، فقامت بينهما الحرب، وانضم لكل قبيلة حلفاؤها، وطالب الحرب وقتل فيها خلق كثير، حتى تدخل من تدخل للصلح بينهما، فوضعت الحرب أوزارها.
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 14