نام کتاب : لمحات في الثقافة الإسلامية نویسنده : عمر عودة الخطيب جلد : 1 صفحه : 139
ب- هذا هو الحادث الذي جاء وحي الله تبارك وتعالى فيه يحسم أقاويل هؤلاء السفهاء، ويرد حملتهم المنكرة، ويعالج آثارها في نفوس المؤمنين، مقررًا في ذلك حقائق في العقيدة والأمة، مبينًا حكمته تعالى في اختيار القبلة التي كانوا عليها، مطمئنًا المسلمين إلى عدم ضياع ثوابهم وفي ذلك ما يملأ قلوبهم بالثقة والرضى واليقين.
لقد تساءل أولئك السفهاء عن الأسباب التي حملت المسلمين على الانصراف عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فجاء جواب القرآن على هذا التساؤل: إن المشرق لله والمغرب لله، وهو الذي يَهْدِي من يشاء إلى الصراط المسقيم، فالجهات كلها لله؛ وإنما يجعل الله تعالى للناس قبلة لتكون جامعة لهم في عبادتهم، وما يختاره سبحانه فهو المختار، وهو يرشد إلى الطريق القويم الموصل إلى سعادة الدارين، وفي ذلك يقول عز وجل:
{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ للهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [1].
بعد ذلك يتحدث السياق القرآني عن هذه الأمة الكبيرة، ورسالتها العظمى في الأرض، وخصائصها الفريدة، وشخصيتها الفذة المتميزة، مقررًا أنه سبحانه قد جعل هؤلاء المسلمين -بِهُدَاهُ- عدولاً أخيارًا، وجنَّبَهم مساوئ الإفراط والتفريط، فليسوا من أرباب الغلو في الدين المفرطين، ولا من أرباب التعطيل المفرِّطين، وأعدهم ليكونوا من الأمم في مركز الحكم العدل، الذي يقيم موازين القسط وقيم الحق، وجعل سبحانه رسول الهدى والنور شهيدًا عليهم، فهو المثل الحي والأسوة الحسنة، ويستحق المسلمون ثناء الله عليهم بأنهم الأمة [1] البقرة: "142".
نام کتاب : لمحات في الثقافة الإسلامية نویسنده : عمر عودة الخطيب جلد : 1 صفحه : 139