نام کتاب : لمحات في الثقافة الإسلامية نویسنده : عمر عودة الخطيب جلد : 1 صفحه : 247
ولكن هل يكفي أن يتحول هذا التوافق إلى عرف عام، ينتقل بعد ذلك إلى قانون له صفة الإلزام؟
إن الحقيقة أن هذا التوافق -وهو فكر وخلق بحكم طبيعته وهدفه- لا يمكن أن يُعَوَّلَ عليه ويُطمأن إليه، إذا لم يكن مشتقًّا من عقيدة تطبع الجماعة بطابعها، وتصبغها بصبغتها، ولن تبلغ النظم المنبثقة من هذا التوافق الاجتماعي هدف الإلزام الذي لا مناص منه، إذا لم يقم على أساس من الفطرة التي تحب الخير وتكره الشر، وتقبل على الحق وتنأى عن الباطل، وتتفاعل مع مقتضيات الاستقامة، وتتجافى عن جواذب الانحراف، ثم لا بد مع هذا من قيام هذا التوافق على مبدأ الثواب والعقاب، والمسئولية والجزاء، حتى تكون قيم الجماعة مصونة من أن ينالها الضعف أو الفساد، وحتى يكون كيان الجماعة نفسها آمنًا قويًّا سليمًا.
ب- وعلى هذا فالعقيدة إذن: هي التي تصون القيم الإنسانية، وتهذب ضمير الفرد، وتقوي فطرته الطبيعية، كما تحتفظ للجماعة قوتها وسلامتها ووحدتها، لأنها "منتهى ما تصل إليه الجماعة لحفظ كيانها، وتحقيق أهدافها الفطرية في قيام حياة اجتماعية، منتطمة متحركة ودائمة، وما دامت العقيدة فإن الجماعة تدوم، فإذا زالت فإن تلك الجماعة تنحل وينقرض وجودها"[1].
إن أي مجتمع من المجتمعات البشرية لا بد أن يرتكز توافق أفرادها على عقيدة ربانية، توحد أفكارهم ومفاهيمهم ومشاعرهم، وتضبط بها تصرفاتهم وأوضاعهم وسلوكهم، حتى يصح أن يوصف هذا المجتمع بالصلاح والتماسك والثبات والاستقرار. ومن هنا فقد جاء الإسلام [1] علال الفاسي: "دفاع عن الشريعة" ص56.
نام کتاب : لمحات في الثقافة الإسلامية نویسنده : عمر عودة الخطيب جلد : 1 صفحه : 247