نام کتاب : لمحات في الثقافة الإسلامية نویسنده : عمر عودة الخطيب جلد : 1 صفحه : 72
غاية، وأنه كذلك مبتلى بالحياة مختبر فيها، محاسب في النهاية على سلوكه فيها؛ هذا السلوك الذي يقرر جزاءه ومصيره.
ومن الطبيعي أن تقتضي خصائص الإنسان منهجًا للحياة الإنسانية يرعى كل تلك الخصائص والاعتبارات؛ يرعى تفرد الإنسان في طبيعته وتركيبه وتفرده في وظيفته وغاية وجوده وتفرده في مآله ومصيره، كما يرعى تعقده الشديد، وتنوع أوجه نشاطه، وتعقد الارتباطات بينها، ثم يرعى فرديته هذه مع حياته الجماعية.
وبعد هذا كله يضمن له أن يزاول وجوه نشاطه كلها، وفق طاقاته كلها، بحيث لا يسحق ولا يكبت، كما لا يسرف ولا يفرط، وبحيث لا يدع طاقة تطغى على طاقة، ولا وظيفة تغطي على وظيفة، ثم في النهاية يسمح لكل فرد بمزاولة فرديته الأصلية مع كونه عضوًا في جماعة، وإن منهج الحياة الوحيد الذي راعى هذه الاعتبارات كلها كان هو المنهج الذي وضعه للإنسان خالقه العليم بتكوينه وفطرته، الخبير بطاقاته ووظائفه، القادر على أن يضع له المنهج الذي يحقق غاية وجوده، ويحقق التوازن في أوجه نشاطه، ويحقق فرديته وجماعيته كذلك.
ولقد جاء منهج الإسلام للحياة الإنسانية بتحديد واضح رائع للعلاقة بين الإنسان والحياة؛ فإذا كانت هذه الحياة الدنيا قد خلقت لهذا الإنسان لينتفع بها ويستمتع؛ فليس له أن يقف منها موقفًا سلبيًا ظنًا منه بأنها شيء يجب الاحتراز منه، كما ليس له أن يحرم على نفسه زينتها ونعيمها؛ بل من واجبه أن ينتفع بها ويستخدمها على قدر استطاعته، مع إدراك كامل منه وتمييز دقيق.. للصحيح والفاسد، والحق والباطل، والطيب والخبيث..
قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا
نام کتاب : لمحات في الثقافة الإسلامية نویسنده : عمر عودة الخطيب جلد : 1 صفحه : 72