نام کتاب : ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين نویسنده : الندوي، أبو الحسن جلد : 1 صفحه : 168
الغايات المادية للحركات الروحية العلمية:
وترى هذا الروح المادي في جميع نظم أوربا السياسية والاجتماعية والخلقية التي ابتكرتها أو جددتها شعوبها لهذا العهد، حتى إن الحركة الروحية التي شغلت الناس كثيراً في أوربا في الزمن الأخير إنما روحها المادية، فقد أصبحت صناعة وفناً كسائر الصناعات والفنون في أوربا، غايتها مشاهدة عجائب إقليم الروح والاطلاع على أسرارها والتحدث إلى أرواح الموتى وترويح النفس والتلهي، وليست من تزكية النفس وتصفية القلب والخشوع لله والعمل الصالح والاستعداد للموت والصبر على مكاره الحياة وهضم النفس في شيء، خلافاً للحركة الروحية والتصوف في الشرق الإسلامي.
كذلك الأعمال التي يضحي فيها الناس بنفوسهم وأرواحهم في الغرب إنما ترجع في الغالب إلى غايات مادية كحسن الأحدوثة وانتشار الصيت وخلود الذكر في التاريخ والتبريز على الناس وأن يتمجد به شعبه ويفتخر ويتشرف به وطنه ويغتبط، خلافاً للأعمال التي يبتغي بها وجه الله، فالمسلم يخاف أن يشوب عمله شيء من الرياء والسمعة فيحبطه ويسمع قول
الله تعالى: {هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً {103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً {104} أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} ، وقوله عز وجل: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً} وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل الذي يقاتل شجاعة ويقاتل رياء: أي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)) . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في دعائه: ((اللهم اجعل عملي كله صالحاً واجعله كله لوجهك خالصاً ولا تجعل لغيرك فيه شيئاً)) واجتهاد الصالحين من هذه الأمة في إخفاء عبادتهم وصدقاتهم معروف في كتب التاريخ والسير.
التصوف المادي الغربي ووحدة الوجود الاقتصادي:
وقد بلغ النظر المادي والفكر المادي في أوربا درجة الاستغراق فيه والفناء ونسيان ما سوى القيم المادية، ولنضرب بذلك مثلاً بكارل ماركس 1818 - 1883 م مؤسس الفلسفة الشيوعية.
نام کتاب : ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين نویسنده : الندوي، أبو الحسن جلد : 1 صفحه : 168