نام کتاب : محاضرات في النصرانية نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 118
بيان خلاف التلاميذ بشأن الختان، واجتماعهم لأجل الفصل في شأنه حينئذ رأى الرسل والمشايخ أن يختاروا رجلين منهم، فيرسلوها إلى أنطاكية مع بولس وبرنابا، وهما يهوذا الملقب برسابا، وسيلا، رجلين متقدمين في الأخوة، وكتبوا بأيديهم هكذا: الرسل والمشايخ يهدون سلاماً إلى الأخوة الذين هم من الأمم في أنطاكية وسورية وكيليكية، إذ قد سمعنا أن أناساً خارجين من عندنا أزعجوكم بأقوال مقلبين أنفسكم، وقائلين أن تختنوا وتحفظوا الناموس، من الذين نحن لم نأمرهم، وقد صرنا بنفس واحدة أن نختار رجلين، ونرسلهما إليكم مع حبيبنا برنابا، وبولس، رجلين قد بذلا أنفسهما لأجل اسم ربنا يسوع المسيح، فقد أرسلنا يهوذا وسيلاً، وهما يخبرانكم بنفس الأمور شفاها، لأنه قد رأى الروح القدس، ونحن - ألا نضع عليكم ثقلاً أكثر، غير هذه الأشياء الواجبة أن تمتنعوا عما ذبح للأصنام، وعن الدم، والمخنوق، والزنى التي أن حفظتم أنفسكم منها، فنعماً تفعلون، كونوا معافين".
في هذا الخطاب يتبين أن المشايخ والتلاميذ يحللون للناس كل ما حرمه الناموس، أي التوراة وكتب النبيين السابقين، ولا يجعلون محرماً عليهم ألا أربعة أمور، والامتناع عنها هو الأمر الواجب فقط. وبذلك حل لهم كل شيء حرمته التوراة، حل لهم الخمر والخنزير، وكل ما كانت التوراة وشرائع النبيين قد حرمته. وبأي شيء أعطى هؤلاء القدرة على التحليل والتحريم؟ قد قالوا أن ذلك بإلهام من روح القدس وتجليه.
وقد ذكر صاحب سفر الأعمال عن لسان بطرس، إنه قال في افتتاح ذلك الاجتماع الذي أصدر ذلك القرار مل نصه: "أيها الرجال الأخوة أنتم تعلمون أنه منذ أيام قديمة اختار الله بيننا إنه بلمي يسمع الأمم كلمة الإنجيل ويؤمنون. والله العارف للقلوب شهد لهم معطياً لهم روح القدس، كما لنا أيضاًَ، ولم يميز بيننا وبينهم بشيء، إذ طهر بالإيمان قلوبهم، فالآن لماذا تجربون الله بوضع نير على عنق التلاميذ لم يستطيع آباؤنا ولا نحن أن نعمله ولكن بنعمة الرب يسوع المسيح نؤمن أن نخلص، كما أولئك أيضاً".
فمن هذا النص يستفاد أن الذي سوغ لهؤلاء أن ينصرفوا جهراً عما كانوا عليه، وعما تركهم المسيح عليه، هو أنهم ينزل عليهم الروح القدس، كما كان ينزل على النبيين والصديقين، وذلك في اعتقاد كتاب المسيحية، وقد بينا حقيقة ذلك في موضعه من كلامنا عن الكتب.
نام کتاب : محاضرات في النصرانية نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 118