نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 375
فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [1].
وهو صراع لا يتوقف أبدا ما دام هناك حق وباطل.
ونعود إلى التفسير المادي للتاريخ فنجده يحصر الصراع كله في الصراع الطبقي، ويحصر أسباب الصراع في الملكية الفردية, ثم يزعم أن الصراع سيتوقف حين تزول الملكية الفردية ...
وبصرف النظر عن أن دلالة التاريخ تقول إنه قامت في الأرض -سواء في الجاهليات أو في الإسلام- صراعات كثيرة غير قائمة على الصراع الطبقي وغير منبعثة من الملكية الفردية، فإنه يهمنا في ختام هذه الفقرة أن نكشف عن زيف الدعوى القائلة بأن إلغاء الفردية سيقضي على الصراع ...
فالشيوعية قد ألغت الملكية الفردية..
فيم إذن قام الصراع بين لنين وتروتسكي، وبين ستالين وبيريا، وفيم المؤامرات الدائمة التي يعلن عن تصفيتها والتغلب عليها، أو تكون نتيجتها الإتيان بزعيم مقدس جديد بدلا من الزعيم المقدس الهالك أو المدحور؟!
وفيم الصراع بين شقي المعسكر الشيوعي: روسيا والصين؟!
أولم تلغ الملكية الفردية؟! فلماذا إذن بقي الصراع؟!
أولا يدلنا ذلك -على أقل تقدير- على أن إلصاق الشرور كلها بالملكية الفردية تعسف غير "علمي" أقرب إلى الدعاية الغوغائية منه إلى حقائق الواقع وحقائق العلم؟!
5- التطور:
يزعم التفسير المادي للتاريخ أن الحياة الإنسانية في تطور مستمر إلى الإمام، وأن كل مرحلة من مراحل التاريخ الخمس كانت أرقى من سابقتها، أي: إنها تعتبر مرحلة "تقدمية" بالنسبة لما سبقها، فمرحلة الرق أرقى من مرحلة الشيوعية الأولى، ومرحلة الإقطاع أرقى من مرحلة الرق، والرأسمالية أرقى من الإقطاع، والشيوعية أرقى من الرأسمالية..
وهذه القضية حين تطلق على هذا النحو تكون محل مآخذ كثيرة.
فلو أن التفسير المادي للتاريخ حدد التقدم بميدان العلم والتكنولوجيا لكان هذا معقولا وصحيحا بصفة عامة.. وإن كان اعتبارنا لصحته قائما على أساس [1] سورة النساء: 76.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 375