نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 377
{عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [1].
{وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [2].
{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [3].
{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [4].
{وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} [5].
أما افتراض التقدم في كل جوانب الحياة فتقول ينقضه الواقع.
والقضية كلها راجعة إلى أصل المقياس، فإذا أخذنا الحياة المادية -أو بالأحرى التفسير المادي للإنسان- جاز أن نقول ذلك، فالسيارة لا شك أسرع وأرقى من ركوب الجمل والحمار، وناطحة السحاب أرقى من الخيمة والكوخ، و"الفستان" الأنيق المطرز أرقى من قطعة الجلد التي كانت تلبسها امرأة الغابة، والمكتب الفاخر أرقى من جلسة الكاتب القديم، الذي كان يجلس القرفصاء ويسند الورق على ركبتيه!
أما إذا جعلنا مقياسنا "إنسانية" الإنسان، أي: القيم والاعتبارات التي ميزت بين الإنسان والمادة وبين الإنسان والحيوان, فالأمر يختلف اختلافا بينا، والصورة لن تكون تقدما مستمرا، ولكن تذبذبا مستمرا بين الصعود والهبوط، وأسوأ ذبذباتها الهابطة هو الجاهلية المعاصرة في كل أرجاء الأرض.
إن فكرة التطور المستمر إلى أعلى هي فكرة داروينية ولا شك، وقد تأثر الماديون تأثرا بالغا بالداروينية في أكثر من موضع من تصوراتهم ونظرياتهم. ولكن دارون كان يتحدث عن أجسام الكائنات الحية ووظائفها الحيوية، ولم يتحدث عن شيء غير ذلك، أما الماديون فقد أمسكوا بخطوط الداروينية فمدوها مدا واسعا لتخدم أغراضهم الخاصة، وزعموا أنها صحيحة لمجرد كون الأساس الذي بنوا عليه -وهو التطور- صحيح!
وبصرف النظر عن صحة الداروينية أو عدم صحتها فالإنسان -منذ [1] سورة العلق: 4, 5. [2] سورة البقرة: 31. [3] سورة النحل: 78. [4] سورة الجاثية: 13. [5] سورة إبراهيم: 34.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 377