responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 39
تستجيش النفس بدلالاتها الواضحة على تفرد الله سبحانه وتعالى بالألوهية والربوبية، فيؤمن الإنسان بالله الواحد الذي لا شريك له. ثم تستقيم حياته بمقتضى ذلك الإيمان.
ومن ثم يشترك العقل والوجدان معا في أمر العقيدة، كل يؤدي دوره على طريقته.. وفي النهاية يستقر الإيمان في القلب، ويصبح حقيقة واقعة في كيان الإنسان تتبدى في فكره وشعوره وسلوكه على السواء.
وإذن فادعاء الكنيسة أن العقل لا ينبغي له أن يسأل وأن يناقش في أمر العقيدة، وإنما عليه أن يسلم تسليما أعمى ويترك الأمر للوجدان. هو ادعاء ليس من طبيعة "الدين" كما أنزل الله. إنما كان هذا من مستلزمات الأديان الوثنية التي تحوي أوهاما لا يمكن أن يسيغها العقل لو فكر فيها، فتسكت صوت العقل وتمنعه من التفكير، بالسحر تارة، وبالتهديد بغضب الآلهة المدعاة تارات؟
وإذا كان هذا الأمر -وهو إسكات صوت العقل ومنعه من التفكير- غير مستساغ حتى في بداوة الإنسان أو ضلالة البشرية. فهو من باب أولى غير مستساغ في دين تزعم الكنيسة أنه هو الدين المنزل من عند الله، وأنه يمثل مرحلة راشدة في تاريخ البشرية!
ولو كانت هذه الأسرار من الدين حقا، ولو كان من أمور العقيدة التي يلزم الإيمان بها، ما منع الله الناس أن يناقشوها بعقولهم ليتبينوا ما فيها من الحق ويؤمنوا به! فإن الله لا يقول للناس -في وحيه المنزل- أمنوا بي دون أن تفكروا وتعقلوا. ولا يقول لهم: إني سأضع لكم الألغاز التي لا تسيغها عقولكم ثم أطالبكم أن تخروا عليها صما وعميانا لا تتفكرون، وإلا طردتكم من رحمتي! إنما يقول الله للناس من خلال القول الموجه للرسول -صلى الله عليه وسلم {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} [1]، ويندد بهم حين لا يتفكرون ولا يتدبرون: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [2].
ويناقش شبهاتهم، ويطالبهم بوضعها على محك المنطق السليم, وأن يأتوا عليها بالبرهان.. حتى يتحصل لهم من الوعي ما ينفي كل شبهة ويجعل العقيدة

[1] سورة سبأ: 46.
[2] سورة محمد: 24.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست