نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 49
يقول "ألفارو Alvaro" وهو كات مسيحي أسباني عاش في القرن التاسع الميلادي:
"يطرب إخواني المسيحيون لأشعار العرب وقصصهم، فهم يدرسون كتب الفقهاء والفلاسفة المحمديين لا لتفنيدها بل للحصول على أسلوب عربي صحيح رشيق. فأين تجد اليوم علمانيا يقرأ التعليقات اللاتينية على الكتب المقدسة؟ وأين ذلك الذي يدرس الإنجيل وكتب الأنبياء والرسل؟ واأسفا! إن شباب المسيحيين الذين هم أبرز الناس مواهب، ليسوا على علم بأي أدب ولا لغة غير العربية، فهم يقرءون كتب العرب ويدرسونها بلهفة وشغف، وهم يجمعون منها مكتبات كاملة تكلفهم نفقات باهظة، وإنهم ليترنمون في كل مكان بمدح تراث العرب. وإنك لتراهم من الناحية الأخرى يحتجون في زراية -إذا ذكرت الكتب المسيحية- بأن تلك المؤلفات غير جديرة باحترامهم"[1].
وظاهر من هذا النص إلى أي مدى كان تأثير الإسلام على المسيحيين من أهل الأندلس، ونستطيع أن ندرك منه كذلك كيف كان تأثير الإسلام على المبتعثين الأوروبيين إلى بلاد الإسلام.
ذلك أنه حين استيقظت أوروبا وبدأت تنهض كان لا بد لها أن تتعلم. ولم يكن ثمت علم إلا ما كان عند المسلمين، وفي مدارسهم.. ومن ثم أرسلت أوروبا أبناءها ليتعلموا في مدارس المسلمين في الأندلس والشمال الإفريقي وصقلية وغيرها من أماكن العلم.. فتعلموا هناك الطب والهندسة والرياضيات والفلك والكيمياء والفيزياء على أيدي الأساتذة المسلمين فتأثروا بهم، وتأثروا بالإسلام كذلك، فجن جنون الكنيسة من تأثير الإسلام الزاحف على أوروبا مع حركة العلم.. ومن ثم قامت تضع السدود بين الإسلام وبين أوروبا، وكلفت كتابها أن يهاجموا الإسلام ويشوهوا صورته في نفوس الأوروبيين، وأن يهاجموا الرسول -صلى الله عليه وسلم- وينعتوه بكل نعت قبيح، لمقاومة ذلك "الغزو الفكري" المتسرب من المبتعثين العائدين من بلاد الإسلام. وكذلك كانت الحرب المعلنة ضد العلم، "المستورد" من البلاد الإسلامية جزءًا من هذه الحرب الشاملة ضد الإسلام وإن كانت قد خصت قضية كروية الأرض بأشد الحرب؛ لأنها وجدت نصا مقدسًا في التوراة تستطيع أن تصعد به المعركة إلى حد الحرق والتعذيب! [1] عن كتاب "حضارة الإسلام" لفون جرونيباوم ص81, 82 من الترجمة العربية.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 49