نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 61
يخوضه الإنسان في الأرض:
{ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ، قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ، الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [1].
{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [2]. كل ذلك صحيح. ولكن الله لم يحرم متاع الأرض:
{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [3].
إنما وضع حدودًا لذلك المتاع يباح في داخلها ويكون محرمًا في خارجها:
{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا} [4].
{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا} [5].
وتلك الحدود هي التي يعلم سبحانه أنها تعين على أمر الخلافة وعمارة الأرض على المستوى اللائق بالإنسان، دون أن ينشغل الإنسان بها عن قيمه وأهدافه العليا كما بينها الله له على يد رسله وأنبيائه، وفي الوقت ذاته تعطي قسطًا معقولًا من المتاع لكيلا ينشغل الإنسان عن الحركة والعمل بلذع الحرمان.
وهناك أفراد -أفذاذ- يستطيعون أن يتخففوا من متاع الأرض إلى أقصى حد دون أن يشغلهم الشعور بالحرمان عن الحركة والنشاط والعمل بإيجابية كاملة، أولئك هم الزهاد على بصيرة. وقد كان محمد -صلى الله عليه وسلم- إمام الزاهدين، وهو أكبر طاقة إيجابية حركية عرفتها البشرية..
ولكن الرهبانية ليست كذلك.. إنها اعتزال.. إنها ترك للحياة الواقعية بكل ما فيها ولياذ بالأديرة المنقطعة عن تيار الحياة. ولقد يتربى الراهب على تعود الحرمان حتى لا يعود يحسن بلذع الحرمان.. نعم.. ولكنه في الوقت ذاته يفقد [1] سورة آل عمران: 14-17. [2] سورة الكهف: 7. [3] سورة الأعراف: 32. [4] سورة البقرة: 229. [5] سورة البقرة: 187.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 61