نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 64
القصاصات التي كانت تلتزم بمكابدتها في المطهر، وأردك حديثًا إلى الشركة في أسرار الكنيسة، وأقرنك في شركة القديسين، أردك ثانية إلى الطهارة والبر اللذين كانا لك عند معموديتك، حتى إنه في ساعة الموت يغلق أمامك الباب الذي يدخل منه الخطاة إلى محل العذاب والعقاب، ويفتح الباب الذي يؤدي إلى فردوس الفرح. وإن لم تمت سنين مستطيلة فهذه النعمة تبقى غير متغيرة حتى تأتي ساعتك الأخيرة باسم الأب والابن والروح القدس"[1].
وإنها -والحق يقال- لمهزلة فريدة في التاريخ!
فقد عرفت الديانات الوثنية -من قبل ومن بعد- عملية إرضاء الكاهن ابتغاء رضوان الإله المعبود، باعتبار أن الكاهن هو الوسيط بين العبد والرب، وأن رضاه يؤدي -في وهمهم- إلى رضا الإله، وغضبه يؤدي إلى غضب الإله. والنذور للأوثان أمر معروف في التاريخ.. وكان العرب في الجاهلية يؤدون الشعائر والنسك للأوثان -ومن بينها تقديم النذور- ليقربوهم إلى الله زلفى.
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [2]. ويجيء الدين المنزل ليصحح العقيدة ويصحح السلوك، فيجعل الشعائر والنسك لله وحده، وبين العبد وربه مباشرة بلا وسيط:
{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} [3].
ويكون للرسل -في حياتهم- خصيصة يختصون بها هي أن دعاءهم يستجاب عند الله حين يدعون بالصلاح أو البركة أو المغفرة لمن يستحق ذلك عند الله:
{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [4].
أما لمن لا يستحق فالدعاء -حتى من الرسل- غير مستجاب: [1] كتاب المسيحية تأليف أحمد شلبي ص214. [2] سورة الزمر: 3. [3] سورة البقرة: 270. [4] سورة التوبة: 102-104.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 64